دوندولو كان يتبعهما أو يلاقيهما في كثير من تلك الغدوات والروحات.
وكانت المسز بنكس تتناقل في مشيتها حتى تنقطع عن صاحبتها أديليز وهنالك يلتقي العاشقان وتقابل بنكسر أيضاً صديقاً لمعلم الرقص فيرون مثني كتؤامى الورد والجلنار. وقران القمرى والهزار. يتشاكون الغرام. ويتباثون لواعج الهيام. ويتزودن من سحر النظر وسحر الكلام. ما يكون تعلة الفراق حتى ساعة الانضمام. فليت كل صاحبة مرسة تصادف مقالتي هذه فتعترف من كوامن الأسرار. ما هو جدير بالذكر والاعتبار. وتعلم أنه لا يليق ترك الغانيات. يخرجن منفردات لا راع ولا رقيب. ولا داع ولا مهيب. فيكن كالغنم المهملة لا تؤمن عليهن فتكة الضيغم وعيثة الذئب.
وكانت اديليز تقول لعاشقها في مثل هذه الخلوات عجباً يا دوندولو كيف كنت في الأيام السالفة تجاذب الفتاة زيلا بيدج اهداب الكلام ولا تنازعني لفظة واحدة؟
فيجيبها الفتى قائلا إن لم تخاطبك يوم ذاك شفتاي فطالما خاطبتك عيناي (إلى هذا الحد من سقوط الكلفة وضياع الاحتشام كان قد وصل العاشقان).
فتقول الغانية ولا تحسب أني كنت عنك إذ ذاك ذاهلة الفؤاد مصروفة الطرف. فأينما سرت فعيني كانت على الأثر وإنما كانت تتلوك لعجزها أن تلاحظك وأنت بحياء الفتيات أعلم. وأنه وإن كان قد فات أذنك إذ ذاك دقات لساني فما أظن أنه قد فاتها دقات قلبي!
وهنا يجيها الفتى قائلاً ظنك عين الصواب ولقد كنت أسمع دقات قلبك كما أسمع حديثك الآن وما منعني عن خطابك يوم ذاك إلا خوفي أن أوقظ راقد الظن وأثير كامن التهمة. ثم اذكري أنه لم يجيء بي إلى هذه المدرسة إلا حبيك الذي دفعني إلى مصادقة ربة المدرسة والتزلف إليها ولم يتم لي ذلك حتى تنكرت في زي أستاذ للرقص كما ترين. (وهنا كان يعلو وجهه ابتسامة جهنمية. وتبرق في عينه نظرة شيطانية) ويمضي في كلامه فيقول. نعم لقد أسقطت مرؤتي. وامتهنت شرفي ووصمت سمعتي. وأفسدت حسب قومي ومجد أسرتي. وحملت الخزي ولبست العار بين طرتي هذا الثوب الخبيث والبرد الخسيس وما تجشمت كل ذلك إلا من أجلك وفي سبيل هواك يا اديليزا وهنا يهم السنيور دوندولو أن يركع تحت قدمي الفتاة فلا يمنعه إلا وحل الطريق وبلله.
ولكن لابد لنا من ذكر الحقيقة وهي أن سيدة المدرسة المسز زيلابيدج صادفت ذلك الرجل