ولكن الأمر لم ينته عند هذا وذلك إن خروج أديابزا من المدرسة أثار منها أسراراً كان كتمانها أوفر لعرض السيدة بيدج وأبقى على سمعة المدرسة حتى إذا فشت وذاعت جرت على ذلك المعهد سبة وعاراً. وفضيحة وشنارا. فهجرتها التلميذات مثنى وثلاث ورباع ومنهن المسز بنكس والمسز يعقوب وغيرهما ممن لم تذكر بهذه القصة أسماؤهن. حتى إذا مضى على هذا الحادث نصف عام أقفرت عرصات المدرسة إلا من تلميذتين. ابنتين لرجل عطار كانتا تدفعان أجر التعليم شمعاً من حانوت أبيهما وبناً وصابوناً وشاياً.
فلو اطلعت على السيدة ومدرستها إذ ذاك لرأيت منظراً محزناً ومشهداً أليماً - رأيت امرأة ناحلة البدن معروقة العظام عارية الأشاجع تجوب مكانا قفراً خربا. وخاوياً تربا لا يجيبها فيها إلا صوت خطاها ورجع صداها. وهي ترثي حالها تارة بالصمت وآونة تقول بلى لقد خبروني عنك يادوندولو إنك مشؤوم الفال ماطلعت على امرأة قط إلا بالنحس ولا عشقت أنثى إلا عشقها معك الشقاء. وإنك مابزغت في روضة الحب على قوام مياس إلا أذبلت فينانه. ولا أطلت ثمت على خد صقيل إلا أشحبت أرجوانه. ويحك يادوندولو لقد تركت داري للعفاء مسكناً وللبلى موطناً وسلبتها حلاها وما حلاها إلا الخرد الغيد. والبيض الرغاديد. ومالي أشكر عفاء منزلي وخواء داري؟ وقلبي على بعدك أعفى جنابا. وأكثر خرابا. وهنا تنهل عبراتها فكأن في كل عين سحابة وطفاء. أو سقاء. وأهي الخروق في كف خرقاء
وما هو إلا أسبوع بعد ذلك حتى عطلت المدرسة ومحي عن بابها العنوان. عثرة لم تنعش منها آخر الأبد. وإنك إن تأت ذلك المكان اليوم قرأت على بابه قاعة موسكو للمستر سويشتال وشركائه والله وحده يعلم أين اختفت السيدة بيدج وفي أي زوايا الأرض أخفت عارها وعبراتها.
ولم تصادف المسز اديليزا عند والدها احتفالاً ولا احتفاء وأني تصادف ذاك من أهملت درسها وأضاعت أدبها وكات تقع للمرة الثانية فريسة في مخالب الفجرة وتخسر دينها للخسرة الكفرة فحق لأبيها أنه منعها الخروج إلا إلى الحدائق لشم النسمات. أو إلى الكنائس لشم الصلوات. وأنه رغماً من يقينها أن الفتى لعهد الوداد خافر. ولذمة الحب خاتر. غير