للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسمال وأخلاق. وأطمار وإسحاق. وحذاء يمتاز عن أمثاله بالغبرة والوحل. على أنه كان مع تلك الرثاثة يبدي نخوة وكبرياء. وزهوا وخيلاء. يميل قلنسونة حتى يمس بها حاجبه ولا تزال يده في بمباغه تسويه لتحكمه ويبعث بكفه في جيبه إن كان به دراهم ليسمع الناس رنينها وكذلك يرى القارئ أن دوندولو لم يكن إلا متشرداً قد أصاب من اديليزا طعمة سهلة ولقمة سائغة.

والأستاذ وإن سرته رسالة الفتاة فقد كان بذيولها وملحقاتها أشد سروراً حتى جعل يلتهم ألفاظها بعينه ثم قام فالتهم مدلولات تلك الألفاظ (هدايا الغادة - السمك والمحار والنبيذ والعسل) بفهمه.

وفي غد ذلك اليوم وردت على الفتاة من حبيها رسالة ففضت ختامها بيد راجفة. وحشا واجفة. حتى إذا قرأتها لم تجد بها سروراً عظيماً وإليك الرسالة.

كرمك ياعزيزي يفوت كل وصف ويعي كل واصف. على أنه ما كان إنسان أحوج مني إلى مثل هذا الكرم وأفقر من حبيبك البائس إلى مثل ذلك السخاء ولقد صدقت في فراستك إذ تقولين أبك فقر. أم تنكر. وهل ركبك دين فادح وورى كبدك حزن قادح. وهل ألحت عليك الغرماء. وطاردتك طلاب بدماء. بلى بي كل ذلك وأبرح. وأصابين جميع ما تذكرين وأقرح. وتف قلبي من الهم ما تصفين وأقدح ورماني الدهر بما قد عشت وأوفر. واكتفني من المحن ماسردت وأكثر. نعم لقد حال بعدك الزمن وتغير وساء بعدك العيش وتنكر. وعبس بعدك الدهر وتنمر. وكشف لي الخطب عن ساقه وشمر:

وقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي ياعز لايتغير

أجل لقد تغيرت أحوالي زيا وثياباً. وزادا وشرابا. ولذة وهناء. وغبطة وصفاء. اللهم إلا أمراً واحداً أنا لازم له مالزمت الحرارة النار. باق عليه مابقى الليل والنهار. وذلك حبيك. وغرامي بك!

وبعد فلتسمعي نبأي: أنا سليل بيت طلياني عريق في المجد أصيل في السؤدد يحل من شرف النسب في الغارب والسنام. وتبدو أبناؤه لنصاعة الأحساب غرراً في جباه الأيام وينزل من أكرم البيوتات حيث يلقي صميم الرأس مجتمع الشؤون. من بيت لا أكون مغالياً إن قلت أنه أمجد بيوتات فينيس ولقد أتى علينا حين من الدهر كنا في غبطة وسرور. ولذة