وحبور وثروة وفراء ونعمة فيحاء ولكن الظالم الجبار قددهم فينيس فحل رباها. واستحل دماها. واستباح حماها وسلب حلاها. واشتف صبابتها. بعد أن امتص عصارتها فقسم قبائلنا بين القيد والنصل. والنفي والقتل. فكان النفي قرعتي والغربة قسمتي يقاسمني إياها أم ضعيفة وجدة مقعدة وأخوات لباسهن الخوف والذلة. والبؤس والقلة وهنى نحاف. صفر عجاف لا طاعم لهم ولا كاس. ولا معاون ولا مواس. ولقد دافعت عنهم الدهر وحاربت دونهم البؤس والضر. بجيوش الحيل وكتائب الصبر فما دفعت عنهم هجماته. ولا صددت دونهم حملاته. وماذا أقول يا اديليزا أأقول لك أني احتجت الخبز والماء. وافتقرت إلى المئزر والرداء وإلى الفراش والقطاء؟
وبعد فلقد وجدت السمك شهياً. وأكلت العسل هنياً. وشربت النبيذ مريا. ولكن المزيد المزيد من هذه الطيبات فإن ما وصلنا منها لا يشبع النهمة ولا يقطع الغلة على أني أستزيد وبي من الخجل ما يتعثر معه القلم في أذيال بيانه ويحمر منه خد الطرس. وسلام الله عليك ورحمته من محبك الولهان. وصبك اللهفان.
فريدريك دوندولو
نقول لما قرأت اديليزا هذه الرسالة أول مرة نالها سخط وغضب وذلك لما بدا بين سطورها من آيات العدم والإفلاس. ولا غرو أن يمتعض من كان له رقة مزاج الفتاة ويشمئز من تلك الصورة الشنعاء - صورة الفقر المدقع. والجوع الموجع.
ولكن امتعاض الغادة مالبث أن اضمحل فزال وأعقبه رحمة أخذتها على الحبيب البائس ورقة. ورأفة وشفقة. ولاسيما عند ذكرها ذلك العدو الظلوم. والجبار الغشوم. الذي نملك وطن الفتى وأمته. وأذل قومه وأسرته واغتصب حريته واستلب غزته. ورفع على تلك الربى وهاتيك البطاح رأيته فرددت قراءة الرسالة ولاسيما تلك الفقرة وكلما مر طرفها على تلك الكلم الخحزنةذابت مهجتها. وفاضت مقلتها وصاحت لأبلغن في سبيلك مجهودي وإن كان فيه حتفي!
ثم بدا لها في الأمر صعوبة وهي أنها لا تعرف وهي أنها لا تعرف اني تجد ما يعرض بطلبه دوندولو من المال ولكنها مالبثت أن انفتقت لها الحيلة فأصابت شيئاً من الدنانير وما هي إلا بضع ساعات حتى سمعت بحانوت أبيها ضجة عظيمة وسمع أبوها يصيح على