غلامه بالويل والحرب. ويدعو عليه بالبرص والجرب ويتهمه بأنه سرق جميع ما بالصندوق من المال وتركه في أحرج موقف وأسواء حال. ثم ساقه إلى دار الخصام. وبيت الأحكام. وهو مما قرف به يعلم الله براء ومما وصم به طاهر الذيل نظيف الإناء حتى إذا حضرا مجلس القضاء أشرقت حجة البرئ. وأخزى الله المسيء. ولكنه طرد من خدمة السماك ظلما. وذلك لأن للفتاة عاشقاً معدما.
وأرسلت اديليزا إلى حبيبها الدنانير طيّ الرسالة الآتية:
عزيزي: أيكفيك ستة دنانير ونصف دينار فإنها وربك أقصى ما بلغته حيلتي وانتهت إليه وسيلتي. وصحيفة عذرى بعد ذلك وضاحة غراء وديباجة حجتي وضاءة بيضاء هذا وقد سنح لي خاطر وهو أن غلامنا قد طرد وأبى لا يشهد الحانوت ليلاً وكذلك يمكنني أن أقضي نصف الليل بالحانوت.
اديليزا
وما وصلت هذه الرسالة دوندولو حتى صحت على مقابلة الفتاة نيته قائلاً سألقاها وأدخل ذلك الحانوت الملعون وقد دخله وإنما دخله ليعجل بالخسران على نفسه.
وفي هذه الليلة قامت اديليزا وأمها على الحانوت تدير شؤونه وجعلت الأم والسكين في يدها تقشر المحار ليقدم للآكلين. ولم تكن السن قد قللت نشاطها. ولا شمخت بها الثورة عن مزاولة مهنة كانت سبب ثروتها وجعلت ايليزا تنساب في أنحاء الحانوت كأنها الأوزة في الماء وهي تحمل أثناء ذلك إلى الآكلين رغفان الخبز وقطع الزبد وزجاجات الخل. وكان معهما صبي صغير فكان يروح ويغدو بين الحانوت وبين خمار أمامه يحمل إلى الآكلين ما شاؤا من خوابي الخمر.
فلما انتصف الليل وكانت اديليزا تنظر من وراء زجاج النافذة إلى نور القمر تقارن بينه وبين نور الغاز الوضاء ينعكس سناه على صدور الحيتان المصقولة فإنها لكذلك غرقة في بحار الخيال تائهة في بيداء التشبيه إذا بانف رجل قد التصقت بزجاج النافذة فتأملته فإذا هو دوندولو.
فطار قلبها فرحاً ومالت على المنضدة وكان يغمى عليها. وكان دوندولو يصفر لحنا فاستمر في صفيره ودخل الحانوت يديه في جيبه يميل زهوراً ويميد عجباً. وتظاهر بأنه لا يعرف