هؤلاء أطفالنا الثلاثة، صورتهم صورة خشنة لا دقة فيها ولا تلوين ولا تجميل بقدر ما استطاع قلمي الضعيف أن يصف ويرسم، والآن دعنا نتخيل أننا في فصل الصيف، والوقت مساء، والظلام قد عسعس، وقد جلس الوالد يدخن في مقعده، والأم عن كثب تسمع والأطفال قعود كالحزم على السجادة وهم يتباحثون ويتناقشون ويجتهدون في حل عقد مسائل الحياة الصغيرة الغامضة عليهم، وعندما يجلس أطفال صغار يلعبون بفكرة جديدة، يروحون أشبه شيء بالقطط أمام الكرة، فكل منهم يقذفها إلى صاحبه، وأحدهم يلاطفها بيده، والآخرون يحاولون اختطافها بعضهم من بعض.
وكانت الطفلة تتكلم، وهي تحضن عروستها التي تؤثرها على جميع لعبها، فلم يسع الوالد إلا أن يخفي وجهه وراء الصحيفة التي كان يجيل البصر في أسطرها، ويشحذ سمعه للحديث الذي راح يدور بين الأطفال.
قالت الطفلة: إنني لفي عجب - لا أدري هل سيسمحون لي بدخول عروستي معي إلى الجنة أم لا.
فضحك الصبيان، وكانت عادتهما أن يضحكا لجميع ما تقول - فأردفت تقول. . إنهم إن لم يسمحوا بذلك، فلن أرتضي الدخول أبداً إلى الجنة وحدي.
قال دمبلس: ولا أنا إذا لم يسمحوا لي بدخول نمري!
وهنا عادت الطفلة تقول: سأقول لهم أنها عروس نظيفة هادئة ساكنة جميلة لا تؤذي أحداً في الجنة. .
قالت ذلك وهي تحتضن العروسة وتلاطفها.
وهنا نظر لادي إلى أبيه فقال. . . ما رأيك في هذا يا أبي؟ هل تظن أن في الجنة لعباً وعرائس!. .
قال الوالد. . بلا ريب، يوجد فيها كل شيء يستطيع أن يسعد الأطفال ويبهجهم.
قال دمبلس: وهل فيها قدر ما في ألف صنف؟
قال الشيخ: وهو يبلع ريقه متحيراً. . بل أكثر!. .
فصفق الأطفال الثلاثة فرحين مبتهجين لهذا النبأ الخطير.