للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكن كل فرد ملزم شرعاً في الإسلام أن يخص جزءاً معيناً من نشبه ومالة في سبيل إعانة المساكين وأهل الحاجة، وهذا الجزء مقدر بواحد من أربعين من قيمة العقار أو النشب أو الأملاك أو أرباح التجارة وما إلى ذلك جميعاً على أن الصدقات لا تجب إلا إذا بلغت الثروة مقداراً معيناً وكانت ملك صاحبها عاماً كاملاً ولا تستحق الزكاة عن الإبل التي تبتذل في زراعة الأرض، أو في حمل الأثقال وإذا انتهى شهر رمضان وحل يوم عيد الفطر رضخ كل رب عشيرة بصدقات عن نفسه وأفراد بيته والضيف الذي أفطر ونام في بيته خلال شهر الصوم.

وقد عين القرآن أهل الحاجة الذين تجب لهم الزكاة والصدقات، ولعل أحسن ما في الإسلام أنه جاء بمبادئ عيسى من ناحية التصدق والإحسان على الفقير فجعلها في قوانين محدودة وألبسها لباس السنة والتشريع.

والحكمة التي أدخلت على الإسلام ميقاتاً مضروباً للحج كل عام إلى مكة ومقام الكعبة لم يكن منها إلا أن بثت في دين محمد روح الإخاء والائتلاف والود والامتزاج على كثرة اختلافات الفرق الدينية ومنازعات أهل النحل. فإن أعين العالم الإسلامي إذ تستقر على تلك القبلة العامة، إنما تحيي في صدر كل مسلم شعلة من القبس السماوي الذي أنار العالم وذهب بظلمات الجاهلية الأولى، وهنا نرى حكمة ذلك المشرع صاحب الرسالة والوحي تسطع وتشرق علينا في وجوهنا إذا نحن تدبرنا الشروط اللازمة لإنفاذ الحج والقيام بهذه الفريضة وهي بلوغ الرشد والعقل والبصيرة والحرية التامة الكاملة واستطاعة دفع نفقات النقلة والطعام في السفر ومكنة طالب الحج من الإنفاق على بيته في غيابه في الحج وسهولة الطريق إليه وامتناع المشقة والعنت في السفر.

ولما كانت العرب في الجاهلية يستمسكون بتقاليد وشعائر دقيقة تكاد تكون أشبه شيء بالشعائر البراهيمية في شدتها ودقتها، وذلك من ناحية صلاحية ضروب من الأطعمة والأكل وفساد أخرى فقد نصح النبي لأهل ملته أن يعتقدوا بأن كل لحم أو طعام محلل، إلا أشياء حرمها ونهى عن أكلها وورد ذكرها في القرآن وأما الخمر والميسر وهما الآفتان الوبيلتان اللتان طاحتا بالجماعات المسيحية، وكانتا حرباً على كثير من أهل الطبائع الدنيا والنفوس الغثة الضعيفة فقد حرمهما الإسلام تحريماً قاطعاً، ونهى عنهما النهي المطلق،