وعيون ضيقه واصداغ عالية وجبهة منحدرة وذقن عريضة واسعة. وتمتدح الآذان الهائلة عند جماعة الصينيين. وعند أهل سيام يحب الأنف الصغير والفم الواسع والشفاه الغليظة والوجه الكبير. أما عند جماعة السودان فجمال المرأة في عظم أردافها حتى أنه إذا أرادوا زوجة صفوا النساء صفاً واختاروا منهن من تغلب عندها هذه الصفة. (واحسب ذلك كان محبوباً عند العرب بدليل ما جاء في أخبار عمر بن أبي ربيعة عن جمال عائشة بنت طلحة) - أما عن اللون فإن من أجناس العبيد من يعقد حواجبه اشمئزاز أن يرى اللون الأبيض والجميل الجميل عندهم من يزيد في السواد على أقصى الدرجات حتى لقد كان الأطفال ينادون وراء اوزلى (انظر إلى الرجل الأبيض ألا تراه كالقرد) وفي الهند الصينية كانوا يشيرون إلى أسنان سيدة أوربية منتقدين بياضها بحيث تظهر كأسنان الكلب وعابوا عليها تورد خدودها لأن ذلك يشبه زهر البطاطس وغير هذا من الأمثال التي جاء بها دارون كثير.
ولعل ذلك هو مادفع بعض من كتب عن الجمال كرالف والدوامرسن الأمريكاني على الامتناع عن تعريفه والاكتفاء بالإعجاب به وإظهار آثاره.
وعندي أن اختلاف الأذواق راجع إلى تأثير الوسط على الناس إذ أن الطقس والمحيطات تشكل الأفراد بشكل مخصوص وتعطى لسحناتهم من الملاءمة للطبيعة التي يعيشون فيها ما يجعلهم يرون الأشياء بعين تخالف نظراتها نظرات سكان الأقاليم الاخرى. وكل امتياز في الصفات التي تميز إقليمه بدقتها أو تناسبها عد جميلاً. وبذلك يستطيع الفرد من أهل هذه الديار أن يجد على مقربة منه ما يوافق ذوقه وطبعه ويدخل بذلك السرور إلى نفسه ويعزيه عن متاعب العيش وفي الوقت عينه ما يدفعه لاستبقاء النوع وتحسينه وترقيته من الوجهة التي حدتها له الطبيعة. وهذان أهم وظائف الجمال من الوجهة الاجتماعية.
أما لو كانت المحيطات بنا لاتعزينا بل تضايقنا. لو أنا وجدنا أنفسنا بين أشياء لا نقلب أنظارنا فيها حتى تنقبض قلوبنا وتشمئز لمرآها وكنا لا نجد جمالاً في الخيال الذي لا يتحقق فاحسب مؤكداً أنا نفضل الانفراد والوحدة وأن نعيش في أنفسنا لأنفسنا ثم يعرونا من ذلك ضيق وهم لانجد له مفرجاً فيما حولنا فتناوبنا فرة التخلص من الحياة ونهم بأنجازها وتكون الطبيعة لم تكمل بذلك شيئاً من أغراضها. أما وكل مايحيط بنا قد أودع فيه