الحقيقة يبددما يلف شخص هذه المرأة من ضباب تلك الفضائل الوهمية والكمالات الخيالية ويجلوها لك على حقيقتها المجردة فأتخذ منها ومطية لذة مادية وأظفر منها بومس.
ولكن لا تخلط بين الخمرة والنشوة. لا تحسبن الكاس التي شربت منها الرحيق المقدس مقدسة. ولا يدهشنك أن تجدها في المساء فارغة مكسورة. فما هي امرأة أي قارورة من طين قد صنعها خزاف.
فاحمد الله إذا أراك السماء. وإذا رأيت لك أجنحة تصفق بها وترفرف فلا تحسبن أنك قد صرت بذلك طائراً. واعلم أن الطيور ذاتها لا تستطيع اختراق السموات وهتك حجاب السحاب. فإن في أعماق السماء طبقات لا تجد فيها الطرب هواء تحبي به. وإن القنبرة التي تطمع في ضباب الصباح تريد مطلع الشمس ربما سقطت إلى الأرض ميتة. فارتشف كاس الحب كما يرشف العاقل الرزين كاس الخمر وإياك أن تكون سكيراً مستهتراً. فإذا صادفت في معشوقاتك مخلصة أمينة فأحببها لهذا. فإذا وجدتها خلاف ذلك ولكن مليحة حسناء فأحببها لحسنها وملاحتها. وإذا ألقيتها فوق ذلك ظريفة لبيبة فزدها حباً. فإذا كانت من كل هذه المحاسن والمزايا عارية وكان كل ما فيها أنها تحبك فأحببها أيضاً. فإنك لن تظفر بمن هواك في كل آونة ولحظة.
ولا تحملنك الغيرة من النظير المزاحم على نتف شعرك وحثو التراب على رأسك وإرادة الانتحار. فإن الذي يتألم فيك إذ ذاك أنما روح الكبرياء والتعاظم. ولكن اقلب سياق الألفاظ وهب أنها تخون خصمك من أجلك تجد في عملها هذ - وإن كان لا يزال خيانة وغدر - منتهى السرور واللذة.
لا تسن لنفسك قوانين السلوك خاصة. ولا تردان إن تفردك المعشوقة بالحب وحدك وتؤثرك بالهوى على كل من عداك. لأنك لما كنت بشراً وقليل الوفاء فإن قانونك هذا يضطرك إلى أن تقيده بهذه العبارة على قدر الإمكان
أرض بالجو كيفما كان. وبالريح كيفما هبت. وبالمرأة كيفما بدت. إن الإسبانيوليات - خير النساء - يحببن بإخلاص. فلهن قلب صدق ملتهب ولكنهن يلبسن عليه خنجراً. والإيطاليات شهويات شيقات ولكنهن يخترن من الرجال أعرضهن مناكب وينتقين عشاقهن بمقياس الخياط. والإنكليزيات ميالات للكآبة متطرفات ولكنهن فاترات جامدات. والألمانيات