تعرف لذلك علة ولا سببا. وكذلك ترزق صبياً ويقال لها قد أصبحت أمّاً. فتجيب (قائلاً لست أماً). أعطوا هذا الوليد لامرأة ذات لبن فإنه لا لبن في ثديي. وما كذلك يسرى اللبن إلى ثديي النساء ويقول زوجها (إنها لعلى حق. وإن هذا الطفل مسخطة لها ومضجرة. وكذلك تعالج الفتاة من داء الأمومة فتعافى. ولا يمضى شهر حتى تجدها في أحد المراقص أو دور الأوبرا. وطفلها في شايوت أو (زير) وزوجها في بيت من بيوت الفجور وترى حولها الرجال عشرات يغازلونها ويداعبونها ويعدونها الحب والإخلاص والوفاء يحلقون لها بأغلط الإيمان أنهم عبيدها وأسراها وأنهم فيها هائمون وبهواها متيمون. فتختار منهم واحداً وتضمه إلى صدرها. فيدنس عرضها ثم يدعها وشأنها. فتقضي ليلتها بكاء وانتحاباً ثم تنظر فإذا عيناها قد احمرتا من البكاء فتلتمس من يهون خطبها ويسرى كربها ويهبها العزاء والسلوى فتتخذه أنيساً وجليساً وصديقاً ورفيقاً. حتى إذا فقدته استبدلت به آخر ثم آخر وهكذا حتى تتجاوز الثلاثين من عمرها وأخيراً تمل وتسأم وتتسخط وتتبرم وتشتكي كظة السرف وفقدان الأمل ثم يمرض يقينها وتضمحل عقيدتها. ويخلو فؤادها من كل عاطفة إنسانية حتة من الاشمئزاز والتأفف. فيناهي كذلك إذ تصادف ليلة في بعض المراقص فتحب فتى جميلاً أسود الشعر متلألئ العينين فياض الأمل. فتعرف في وجهه نضرة الصبا ثم تتذكر آلامها وأوجاعها فتقبل عليه تعطيه عبراً ودروساً من تاريخ حياتها وتعلمه التشاؤم وتبرهن له على استحالة ما يسمونه الحب وتحذره من الهيام عبثاً وراء هذا السراب الخادع والبرق الخلب.
فهذه هي المرأة كما خلقتموها - كما صورتها يد المدنية. ومن هذا القبيل حبائبنا ومعشوقاتنا. ولكنهن على أية حال نساء ولهن محاسنهن كما لهن عيوبهن. وفيهن ملهى ومستمتع! وقد تصاب منهن أحياناً فرص النعيم وخلسات اللذة!
فإذا كنت يا صاحبي متين الخلق قوي العزيمة واثقاً من نفسك مستكمل الرجولة فإني أشير عليك بهذه النصيحة. ادفع بنفسك غير هياب ولا وجل في غمار الدنيا واركب متن لجهاً وعباب موجهاً! وأنعم من النساء بكل من حصلت لديك - من مومس وعاهرة ورقاصة وفلاحة وشريفة وكريمة. وكن تارة وفياً وطوراً غادراً. وآناً فرحاً وآونة حزيناً. وساعة منخدعاً وأخرى محترما ولكن إذا ظفرت من امرأة بحبها وهواها فضن بنعمة هذا الغرام