للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لذا ذكر المؤلف لفظ الجلالة مطلقاً غير مقيد بزمان أو مكان أو اسم معروف فكان أبناء كل بلد يقرأون الحكم ويقفون على ذكر الله المطلق فيحسبون أن المقصود هو ربهم وقد انطلت تلك الحيلة الدقيقة على قدماء المصريين فكانوا إذا رأوا ذكر الله الغفور المحسن المعطي توجه كل بقلبه ولبه إلى معبوده وربه وها نحن نكتفي بجواب الأثري المصري الوحيد أحمد كمال بك في محاضرة ألقاها بنادي المدارس العليا في خريف ١٩٠٧ عن التوحيد عند قدماء المصريين قال:

قال تعالى {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد} هذه هي صيغة التوحيد عند المسلمين وهي موافقة تقريباً للصيغة التي كان يدين بها المصريون قبل عصر الملوك ويدلنا على ذلك رسوم هيروغليفية وجدت في أوراق البردي القديمة - وهنا ترجم الخطيب صورة لهذه الصيغة رسمها على لوحة الطباشير بما يأتي:

الله وحده لا ثاني له يودع الأرواح في الاشباح. أنت الخالق تخلق ولا تُخلق خالق السموات والأرض

وأخذ الخطيب يبين للحاضرين دلالة الرسوم الهيروغليفية على معانيها فذكر أن الله كان يرمز له بصورة رجل مهيب جالس على كرسي وأن لا النافية يرمز لها بذراعين ممدودين على خط مستقيم وإن الأرواح يرمز لها بثلاثة من الطير وبهذه المناسبة ذكر الحديث المشهور (أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر) وتكلم على ما يعتقده عامة اليوم من (تقمص أرواح الموتى للذباب الاخضر) وإن العابد يرمز له برجل رافع يديه تعبداً والأرض بقوس تحته حصى. وقال إن الافرنج كانوا يعتقدون إلى ماقبل عشر سنين أن قدماء المصريين وثنيون ولكن زال هذا الاعتقاد باكتشاف هذه الصيغة التي يعززها عدم وجود أصنام في مقابر ذلك العهد القديم.

من أين التوحيد لقدماء المصريين على هذه الصورة؟

أتاهم التوحيد من نوح عليه السلام فقد كان موحداً بدليل قوله تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً} والخطاب للمسلمين الذين قدمنا عقيدتهم في التوحيد وهنا يتجه اعتراض مؤداه أن الشرك كان شائعاً عند قدماء المصريين بدليل قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام {أءرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} ومعلوم أن يوسف كان سجيناً عند