المبجلون وإني سأحضر الكأس الذهبية لأديرها على الحاضرين وهم بترك مكانه ولكن والدته أشارت إليه أن يلزم محله وقالت له لا يمكنك أن تعرض موضعها لأني حفظتها في مكان خاص ثم انفلتت لإحضار الكأس.
فقال التاجر: إنها خفيفة الحركة فانظر كيف تسير في رشاقة وقد أربى عمرها على الستين وأنها أبداً ضحاكة الوجه والبشر والإيناس وهي موفورة السرور في هذا اليوم خاصة لأنها ترى نفسها قد عادت إلى رونق الشباب في جوليا.
فوافقه على ذلك الضيف الغريب ثم عادت السيدة وفي يدها الكأس وكانت ملآى بالنبيذ ثم أديرت عليهم فكان كل منهم يشرب نخب أعز الناس عليه وأحبهم إليه فجوليا شربت نخب زوجها وهو شرب نخب حبيبته جوليا واقتدى بهم الآخرون عندما أفضنت إليهم الكأس ولكن الوالدة أبطأت عندما وصلتها الكأس.
فقال لها ولدها الضابط في الجيش في خشونة أسرعي وأديري الكأس إننا نعرف اعتقادك في خيانة الرجال ونبذهم الحفاظ وأنهم ليس فيهم أحد يستحق الحب من المرأة فقولي لنا إذن من أعز عليك؟
فنظرت إليه والدته وقد غابت عن وجهها مظاهر السرور وعلته لمحات الكدر وقالت إن ابني من أدرى الناس بطبائعي وقد ركز رأيه في، فليسامحني الحضور إذا أنا كتمت عنهم ما جال بفكري الآن ولعل ولدي يستمر صادقاً في حبه مخلصاً في هواه حتى يظهر بطلان اعتقادي وفساد فكري، ودفعت الكاس بدون شرب، وقد عرت الحضور من ذلك حيرة.
فقال التاجر وهو مقبل على الغريب أنه مما يروى عنها أنها كانت لا تحب زوجها وكانت تهوى رجلاً غيره نكث عهده ولم يستمسك بموثقه ولقد كانت في صباها من ربات الحسن والملاحة.
ولما وصلت الكأس إلى فرديناند أخذ يحدق فيها وقد تملكته الدهشة لأنها كانت الكأس التي أخرج منها ألبرت المسن الشيخ الجميل ثم أخذ ينظر إلى ذهبها وإلى تماوج النبيذ بها وارتعشت يده وصار يظن أنه ليس من الممتنع المستحيل أن يخرج من تلك الكأس المسحورة الصورة التي يعرفها وتجلب معها الشباب الراحل والعيش الزائل ثم قال بصوت مسموع هل الذي يلمع داخل الكأس نبيذ؟