فقال التاجر: نعم أكنت تظنه شيئاً آخر. اشرب وكن مسروراً.
فسرت رعدة خوف في أضلاع الرجل وقال اسم فرانشسكافي صوت عال مرتح \ جف ووضع الكاس على فمه فرمته الوالدة بنظرة دهشة واستفسار.
ثم قال فرديناند وقد استحيا من حيرته من منذ كم اشتريتم تلك الكأس؟
فقال ليوبولد إنها في المنزل من قبل مولدي وقد اشتراها والدي وسائر المنزل وأمتعته من رجل كبير السن أعزب كان دائم العزلة والصمت وكان جيرانه يظنونه ساحراً.
ولم يقل الضيف إنه يعرف هذا المسن لأنه كان في حيرة وخيال.
ثم رفع الطعام ونزل فرديناند منفرداً مع الوالدة وانصرف الصغار يستعدون لحفلة الرقص فقالت الوالدة اقترب مني فإن سنوات رقصنا قد تصرمت وإذا كنت لا ترى في سؤالي نكراً فاسمح لي أن أعلم منك هل أبصرت كأسنا مرة أخرى قبل اليوم وما الذي سبب لك كل هذه الأزمات النفسية والثورات الداخلية؟
فقال لها إني يا سيدتي أسألك الصفح وأطلب إليك المعذرة لما بدا من آثار انفعالات وإني من ساعة دخولي منزلك شعرت كأني غبت عن نفسي وإني في كل دقيقة أنسى أن شعوري بيضاء قد كللها المشيب وأن القلوب التي كانت تنبض بحبي قد أسكتها الموت وأن ابنتك الجميلة التي تلقى اليوم أسعد أيام حياتها تشبه حسناء عرفتها في أيامي الماضيات حيث الشباب غض نضير وماء العيش سلسال غير وإني لأحسب ذلك معجزة خارقة للعادة وأعجوبة شاذة عن المألوف وقد اختلفت إلي هذا المنزل قبل اليوم وعرفت تلك الكأس في حادثة لا تزال منقوشة في ذاكرتي وإنه ليعز على يد الأيام أن تمحوها منها وهنا أخبرها قصته وقال في ختامها إني في مساء ذاك اليوم وأنا في الحديقة نظرت صببتي آخر نظرة لما كانت تسير بها العربة وقد سقطت من صدرها وردة التقطتها ثم فقدت مني وأثبتت أنها لم ترع أمانتي ولم تحفظ عهدي وتزوجت بعد ذلك بأيام قليلة.
فقالت السيدة وقد ثارت سواكن نفسها وهبت في قلبها رياح طال ركودها في صوت مرتفع ألست أنت فرديناند؟