للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرطاس الذهب لما أفلت من يده ولبقي بها حتى بعد انتباهه من هجعته.

قال في نفسه وهو يزفر زفرة المجهود (لا حول ولا قوة إلا بالله، أما لو كان لي بعض هذا المال!)

وهنا تمثلت القراطيس لعين خياله منقوشاً عليها تلك الجملة الخلابة (١٠٠٠ ليرة) تنصب من كيسه الضخم الممتلئ. ثم انفتحت القراطيس وبرق الذهب ثم احتجب عن عين خياله ثانياً ولبث جامد الحركة ملجم الفم شاخص البصر يحدق في الفراغ كأنما قد عجز عن انتزاع نفسه من ذلك الحجر الساحر - مثله في ذلك كمثل الطفل الجالس أمام طبق من الحلوى يرنو إليه صب القلب سائل اللعاب وسواه يلتهمه مفزعاً.

وأخيراً دق الباب فثاب الفتى إلى رشده ثم دخل رب الدار بصحبة ضابط البوليس.

صاح رب الدار للضابط يخاطبه (انظر يا سيدي بنفسك. هذا الرجل لا يدفع أجرة مسكنه. لا يدفع الأجرة)

قال شارتكوف: (كيف أدفعها ولا مال عندي؟ أمهلني رويداً أوفك حقك. . .)

قال رب البيت حنقاً مغضباً وهز سلسلة مفاتيحه بشدة (لقد عيل صبري. لا أستطيع بعد ذلك صبراً، اسمع يا فتى، هذا ليس بملجأ ولا بمستشفى. ادفع أجرتك وإلا فارحل)

قال ضابط البوليس (أجل. ما دمت قد استأجرت هذا المكان فلابد لك من دفع أجرته) وصحب هذا القول بهز رأسه وإمرار يده على أزرار بذلته الرسمية)

قال الفتى (من أين أدفع. وأي شيء عندي أدفع. هذا هو المشكل. إني لا أملك الساعة درهماً واحداً)

قال الضابط (ادفع من ثمرة أعمالك. دع المسيو إيفان إيفانوفيتش يقبض حقه صوراً من صنع يدك - هذا إن قبل)

قال صاحب المنزل: (أنا لا أقبل ذلك يا سيدي - كلا لا أقبض صوراً. وأي صور هذه. لقد كان يصح أن آخذ صوراً لو كان لها قيمة. ولكن هذه حثالات لا قيمة لها. انظر هناك تجد صورة القرد الخبيث - خادمه نيكيتا. هل خطر قط ببال إنسان أن مصوراً يبلغ من حماقته وجنونه أن يصور مثل هذا العفريت بثيابه الممزقة ووجه الملوث، لهفي على هراوة أهوي بها على أم رأسه فأفلق دماغه. تباً لهذا الصبي، لقد خلع أبواب البيت وحطم زجاجه)