للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأواصرها المدنية يكون فشله وهلاكه محققاً سريعاً لأن كل فرد من الآخرين سوف يتاقدم دون انتظار نجدة من المجموع ليقوم بالواجب الذي يعتقد أنه موكل به من بقية الأمة بصفته شعباً بمفرده يدفع عن نفسه عوادي الزمن. وعلى النقيض من ذلك ترى حالاً غريبة في الأمة التي وصفناها بأنها أمة بتعدادها. فالذين قد يعملون فيها على تفيل مصالحهم على مصالح المجموع ليسوا قليلين. والغالب أن الذين قد يعملون بهؤلاء ليسوا كثيرين وإذ كانوا لا يعدون أنفسهم أمة مستقلة داخل أمة المجموع فإنهم سوف يحجمون عن أداء ذلك الواجب. وإذا بدرت منهم همة وحمية فلا يتجاوز ذلك أن يستصرخوا المجموع وينادوا فيه وينبهوه إلى وجود تلك الجراثيم منتظرين حتى يصحو المجموع كله ويتحد على مقاومتها ودرئها. وتلك طريقة إن نجحت أحياناً فإنها تحتاج إلى زمن طويل. والغالب أنها تموت في الطريق كما تموت أصوات السفينة الغرقى وهي تستنجد بالشاطئ.

(٢)

(استقلال الأمة نتيجة كلية لاستقلال الفرد - مثال للأمة المستقلة المستعبدة - خلاق الفرد محور استقلال المجموع - استقلال المجتمع وسط طسابي - الاتحادج لاتحاد مصيره للزوال)

وعلى القاعدة السابقة ينبغي أن يشاد أيضاً الاستقلال القومي. ليكن كل فرد مستقلاً أولاً وعند ذلك يتكون المجموع المستقل. أما إذا كان المجموع مستقلاً وليست عند الأفراد روح الاستقلال ولانزعته فلا شك في أن مثل هذا الاستقلال لا يعتمد عليه كثيراً.

إن الفرد الانكليزي مثلاً يفخر بأنه مستقل أولاً بصفة كونه فرداً. ويشعر أن استقلال المجتمع نتيجة كلية لاستقلاله الجزئي. ويعلم أيضاً ان ذلك الجزء من الاستقلال الذي يقوم به إذا قصر فيه أو أهمله وةاتبعه في ذلك غيره فسوف يعدم في الحال استقلال المجموع.

وهذا غير الفكرةالتي لا يعتقد فيها الأفراد أن استقلالهم عنصر حيوي من عناصر استقلال المجموع. بل هم يعتبرون استقلال المجموع أمراً لا دخل له في استقلالهم الشخصي، وأن الواحد منهم غير مؤثر بشكل حاسم في أمر الاستقلال غاب عنهم أنه ربما وجد المجموع المستقل بينما الأفراد غير مستقلين. فصعف الخلاق والاتكال والاعتماد على الغير وخوفه والخضوع له. كل هذه قد تفقد الأفراد استقلالهم على حين يظهر للناظر أن المجموع مستقل