للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- والخطر الأكبر أن نكتفي باستقلال المجموع مستخفين بمسألة استقلال الأفراد - بل بالله أية أمة تستطيع أن تتصورها مستقلة إذا كنت ترى كل فرد من أفرادها يرتعد أمام الأجنبي، وغذا كانت نفوس أهلها على وجه عام نفوساً ذليلة وأخلاقاً ضعيفة وهي في الواقع فانية في غيرها من الأمم أو مسوقة وراء أمة متعلقة بأذيالها. ليست المسألة مسألة التخوم والحدود ووجود الجيوش. بل غن هذا الايتعباد الخفي الظاهر في الأفراد المختفي في المجموع لأشد نكاية وأعظم وبالاً. إذ أن كل فرد يحمل على عاتقه نير العبودية ولا يستنطيع أن يشكو لأنه يعلم ويرى أن المجموع مستقل.

لا أعد الأمة التي تفني شخصيتها أو قوميتها في أمة أخرى أو في أمم متعددة أمة ذات استقلال وإن كانت من الوجهة الفعلية غير محكومة أو خاضعة لغيرها وهذه النظرية بسيطة وتظهر واضحة جلية في الأمة التي تنال استقلالها السياسي بتوفيق الظروف أو الحظوظ فإنك بينما تراها مستقلة سياسياً إذ تراها تظل سنوات عديدة خاضعة في الواقع لغيرها متأثرة بحكم أجنبي عنها. إلى أن يتعلم كل فرد من أفرادها معنى الاستقلال ويشربه روحه. عند ذلك ينقلب الاستقلال السياسي إلى استقلال حق صحيح لأنه ناشئ عن استقلال كل فرد. نحن لا نطلب الاستقلال السياسي فقط. ولكن نطلب الاستقلال الأخلاقي. نطلب التحرير من القيود والأثقال التي تحملها أعناقنا لا أرضنا. إن اليوم الذي تتحرر فيه النفوس هو اليوم الذي تتحرر فيه الأرض. وإن يوم شعور كل فرد بأنه مستقل وأخذه نفسه بهذا المبدأ لهو اليوم الذي تتحقق فيه حريتنا لأن الأمة التي يرفض كل فرد من أفرادها أي نوع من أنواع العبودية والخضوع لا تلبث أن تتحرر وتستقل.

إن مبدأ استقلال كل فرد استقلالاً ذاتياً يؤدي إلى شيء آخر. إذا كان كل فرد مستقلاً فإنه يرى من التمتع بذلك والاستفادة ما يحمله على صون ذلك الاستقلال. وإن تجمع هذه الوحدات على صون استقلالها هو صون لاستقلال المجتمع الذي هو عائد عليهم ومتمم لاسشتقلالهم على النقيض من الآخرين الذين إذا سألتهم لماذا تريدون استقلال المجموع؟ أجابوك لأنه مفيد للمجموعوأخذوا بيسطون ويشرحون ما تتمتع به الأمة المستقلة! ولكن هل يتمتع في الوقت نفسه الأفراد؟

ولنوضح ما تقدم نقول بعبارة أخرى أن الفرد المستقل يدافع عن استقلاله لأنه يعود إليه