للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن طريق المجموع لأنه يتمتع به بعد أن يكون قد حفظ استقلال المجموع. أي أن هناك ثلاث خطوات تبتدئ وتنتهي بنفسه ويتوسط بينها المجموعز على النقيض من الآخرين الذين يدافعون عن استقلال المجتمع ليتمتعوا بذلك الاستقلال أفراداً. أرى أن هناك خطوتين إحداهما المجموع. وهذا خطأ، ففي الحالة الأولى لا يتخذون من المجموع غرضاً ولا غاية. وفي الحالة الثانية يتخذونه كل الغرض والغاية. إن الذي يبدأ بالفاع عن استقلال المجموعليجني وهو فرد ثمرة ذلك الاستقلاليعكس القضية ويدبر عن الغاية لانه قد تمر السنون الطوال قبل أنيءشعر بذهاب استقلال المجموع الذي يكون قد مضى عليه دهر وهو ينحدر نحو الهاوية. فإذ أفاق كل فرد أخيراً وجد من الثيود المثقلة لكاهل المجموع ما يحمله على التراخي واليأس، وليس أصعب ولا أشق من أن تجمع الأفراد للمدافعة عن المجموع إذ قد لا يشعرون بالحطر في وقت واحد وإذا شعروا فمنهم الغبي والبليد.

أما إذا كانت المسألة مسألة الفرد المستقل فإنه إذا أشعر بأقل حركة للتعدي عليه أو إذا راى سلكاً شائكاً ينصب أمامه فسيقدم في الحال دون تريث لرفع ذلك الحائل من طريقه معتمداً على نفسه واستقلاله الشخصي، معتقداً أن رفع ذلك الحائل فرض واجب عليه إذا أراد أن يحفظ استقلاله. فهلا تلمح في طي هذا العمل الوسط الحسابي لاستقلال المجموع؟ إن كل فرد يرفع قطعة من السلك الذي يوضع أمام بيته هو في الحقيقة يهد حلقة من حلقات الاستعباد التي تريد أن تحدق بالمدينة. ولكنه يفعل ذلك من غير انتظار المجموع ومن غير أن يتسرب إليه أنه يفعلى ذلك كواجب للمجموع عليه بل واجب على نفسه لنفسه. إن القيد الذي يعتقد أنه رفعه عن نفسه قد رفعه في الواقع عن جاره أيضاً. وإلا فلو ترك السلك يحدق بالجميع لكان ضرره هو وجاره على السواء.

هذه هي خلاصة الفكرة التي أرى فيها المجموع يختفي إزاء فكرة الفرد إلى الحد الذي لا يجور فيه على قوة المجموع. لأنك مهما صفيت الخلق الإنسانهي ومهما رقيته وهذبته فلن تستطيع أن تنزع منه حب نفسه وتفضيلها وأثرته. كما أن الاتحاد مهما طال عليه الزمن في ظل التعليم والرقي مصيره إلى الانهيار والتدابر إذا كان قائماً على فكرة الاتحاد فقط. إنك لا يمكنك أن تحفظ أمة متحدة على مر الزمن بفكرة أن هذا الاتحاد يحفظ المجموع وينفع كيان الأمة. إن صروف الدهر تغير كل شيء. ولكن إذا اعتقد كل إنسان أن لاتحاد