باسانيو - أيها السيدان متى نضحك وننعم بحسن المؤانسة والمجالسة. خبراني متى. لقد أصبحتما لبعد العهد بكما كأنكما غريبان. أفلا بد من هذا؟
سالارينو - سنجعل أوقات فراغنا تحت تصرفك.
ينصرف سالارينو وسالانيو.
لورنزو - سيدي باسانيو أما ولقد لقيت انتونيو فسندعك الآن. ولكن لا تنسى موعد لقائنا وقت الغداء
باسانيو - سأوافيكما هنالك.
جراشيانو - مالي أراك سيئ الحال. كاسف البال. انك لتعظم من أمر الدنيا حقيرا. وتجسم من شأنها صغيرا. إلا أن من بذل في طلب الدنيا الشيء الكثير من راحته وطمأنينته قلقا واهتماما كان جديرا أن يفقد طيب العيش فيبوء بالخيبة والخسران. لشد ما تغيرت يا سيدي.
انتونيو - لا أرى في الدنيا أكثر من قيمتها. وخلاف كنهها وماهيتها. يا جراشيانو - لا أرى سوى ملعب يمثل عليه كل فرد دورا ودوري هنالك جدي خطير.
جراشيانو - دعني ألعب دور الهزل والمجون - أنفق عمرك في اللهو، واقض باللعب أيامك وأركض أفراس الصبا في ميادين الباطل حتى تبلغ مدى الهرم على سوابق المزاح وحتى تشيب شواتك وتقوس قناتك وتتخذ كدنتك وتتجمد أسرتك في الضحك والطرب. ولخير لي أن تستعر حميا الشراب في هامتي من أن تخمد الزفرات القتالة جمرة الحياة في مهجتي. ومالي أرى الرجل الذي يغلى في جوفه ماء الشباب يقرر رزينا ثقيلا ويطرق واجما لا حراك به كأنه تمثال جده صيغ من جبس. أوكأنه صنم قدّ من صخرة جلس. ينام إذا استيقظ ويضني نفسه كمداً حتى تأخذه الصفراء من فرط شجنه. أي انتونيو - أنى أحبك وان حبي هو الذي يتكلم فاعلم إن هنالك صنفا من الناس يكسون وجوههم نقابا من الجد والوقار ثابتا لا يتحول كالطحلب الذي يعلو صدر الماء الآسن فأولئك يلزمون الصمت والرزانة تصنعا ورياء ليخدعوا الناس عن حقيقة أمرهم ويوهموهم أنهم على جانب عظيم من العقل والحجا والدهاء والأناة والحلم والوقار كمن يحاول أن يقول للناس (ها أنا ذا كم البصير الحكيم علام الغيوب. المطلع على سرائر القلوب. فإذا نطقت فالألسنة كلها مفحمة.