للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاتفاقات الحنائية؟

قد كان يغتفر لمثل المقتطف لو اقتصر في إجابته على السؤال بقوله مثلا أن الإنجليز نظموا المالية وأصلحوا فروع الإدارة وقاموا ببعض المشروعات المهمة ولو أن هذا يخالف منطق السؤال كما بينا، ولكنه أندفع مع أمياله وركب الشطط في إجابته على السؤال بقوله إن مصر المستقلة ما كانت لتستطيع أن تبلغ إلى ما بلغت إليه من التقدم الذي هو نعمة الاحتلال!! وكان أقصى ما وصلت إليه همته في التشييد بهذه النعمة مقابلته بين مصر وسوريا قبل عهد الاحتلال مباشرة أعني في إبان التخبط والارتباك الأخيرين. فمن نماذج براهينه قوله (لقد انتشرت المدارس. . وتعددت الجرائد. . وأصبحت حروف المطبعة الأميرية غير سقيمة!. . . وكان المقتطف يطبع على ورق من سورية!. . أيها المصريون. . . احدوا الله. . . فإن مصر لم تتقدم على سورية إلا لأن الإنجليز احتلوا مصر ولم يحتلوا سورية!!. . .) ولعله نسي أن يذك ردم الخليج!. . . وتوسيع ميداني المنشية وباب الحديد. وجنينة الأسماك!!

إننا لا نجد غير كلمة واحدة نقولها للقوم وهي إننا فقدنا الاستقلال!! فإذا كان المقطميون لم يشعروا بما يشعر به قلب الوطنية المصرية إزاء هذا الحق المقدس، وقد غلبتهم المظاهر المادية من انتشار المدارس وكثرة المطابع والمتاجر فإن نذكرهم بالتاريخ الذي يدعون أنه خدامه، نذكرهم بعهد محمد علي وما وصلت إليه مصر في زمنه من الرقي العظيم الذي ما كان شيء يحول دون تقدمه المطرد لولا احتلال الإنجليز الذين ما كادوا يدخلون بلادنا حتى باعوا السفن ومحتويات مصانعها وأقفلوا معامل المدافع والأسلحة والضربخانة ومصانع الورق والمغازل والمناول!. وأغلقوا المدارس وألغوا المجانية منها! قال رزنر في كتابه مصر في عهد الاحتلال (في سنة ١٨٨٣ ألغي ٢٢ مدرسة تجهيزية من مدارس الحكومة وثلاث مدارس فنية ومدرسة المعلمين ومدرسة المساحة لأسباب اقتصادية).

على أن المقابلة إن صحت بين بلدين فلا تصح بين مصر وسورية لاختلاف ما بينهما من الأحول المدنية، فقد كانت سورية ولاية تركية طالما قيل لنا أنها كانت تتأخر في كل يوم درجات بسبب مساوئ الحكم التركي بينما كانت مصر دولة مستقلة تضارع الدول