للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدعارة والفجور كيفما كانت صيغتها وإلا فأي فرق بين رجل تنفق عليه صاحبته وبين رجل يخطب المرأة لمالها أو لينال وظيفة بجاه أبيها؟؟ وأي فرق بين البغي التي تعرض نفسها على رجل لا تعرفه لتبتزه شيئاً من ماله وبين العروس التي تزف نفسها إلى رجل لا تحبه ولكنها ترجو أن يرفعها إلى منزلته ويحليها بفاخر الثياب ونفيس الجواهر؟؟

ثم ما هي نتيجة مثل هذا الزواج؟ أب اختير لا لفضله وأخلاقه، وأم اختيرت لا لصفاتها وآدابها؟؟ أب لا هم له إلا غشيان الملاعب والنوادي ومعاقرة الخمور ومطالعة أوراق الميسر، وأم لا شاغل لها إلا التردد على المراقص وتتبع الأزياء والإيقاع بأترابها والزراية بهن؟ وأي شيء يتربص بنسل هذين الزوجين غير الانحطاط الفطري يلحقه انحطاط التربية والأخلاق؟ نعم إن الغنى والمنصب قد يدركان بهذا الزواج ولكن أصحاب الغنى والمنصب يخسرون أنفسهم وذريتهم به، فتنتقم الطبيعة لمدابرة سننها ونواميسها، ومن يستقص دخائل البيوت الكبيرة والعائلات العريقة التي لا يكثر هذا الزواج في طبقة من الطبقات كثرته بينها، علم أن أكبر أسباب انحلالها وسقوطها راجع إلى هذه العلة.

وبعد أن التمس للفقراء بعض العذر لخروج الأمر عن اختيارهم، قال أن زواجهم ليس أقرب إلى سنن الطبيعة من زواج غيرهم من الطبقات، فليس الرجل والمرأة في طبقة الفقراء زوجاً وزوجة اجتمعا بجاذب من الانتخاب الجنسي، وإنما هو رجل يريد خادمة وامرأة تريد عائلاً.

قال: وقد يتم على هذه الصورة قران قوم فطرتهم مستقيمة، وعاطفة الحب فيهم خالصة سليمة، أما لنقص عندهم في الفهم، أو لوجوم منهم عن اقتحام معركة التنازع على البقاء بين جمهور غلبت عليه الأثرة والأنانية، فلا يزال هؤلاء الأزواج في برم وضجر، وربما التقى أحدهم بمن يحرك فيه عاطفة الحب، فينفسخ عقد القران شرعاً أو فعلاً.

ثم انتهى من هذا القول إلى هذه النتيجة وعلى هذا ففي كل عشرة عقود تسجل في أوربة تسعة قائمة على أبعد الصلات عن الصدق والإخلاص فيفضي بها الأمر إلى أضر النتائج بمستقبل النوع، ويجد أصحابها أنفسهم عاجلاً أو آجلاً في موقف تتنازعه واجبات الزوجية وحكم الحب القاسر، فإما اضطروا إلى سلوك مالا يليق إلا بالسوقة والسفلة. أو قادهم إلى الهلاك والضياع، وكذلك يكون الزواج بمثابة انتحار للنوع بدلاً من أن يؤدي إلى تجديد