للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذات طلاوة في معان أمدته فيها الطبيعة وبلغ فيها الإرادة واكتتبها الأدباء للبراعة جمع للبراعة جمع هذه الخلال الظاهرة إلى جود كف باري السحاب بها. ومن شعره:

شربنا وجفن الليل يغسل كحله ... بماء صباح والنسيم رقيق

معتقة كالتبر أما بخارها ... فضخم وأما جسمها فدقيق

ولم يزل في عز سلطانه واغتنام مساره حتى أصابته علة الذبحة فمات بها سنة إحدى وستين وأربعمائة فقام بالمملكة بعده ولده المعتمد على الله أبو القاسم محمد.

قال ابن القطاع فيه أنه أندى ملوك الأندلس راحة، وأرحبهم ساحة. وأعظمهم ثماداً. وأرفعهم عماداً. ولذلك كانت حضرته ملقى الرحال. وموسم الشعراء وقبلة الآمال. ومألف الفضلاء. حتى أنه لم يجتمع بباب أحد من ملوك عصره من أعيان الشعراء وأفاضل الأدباء ما كان يجتمع ببابه. وتشتمل عليه حاشيتا جنابه - ولقد صدق ابن القطاع فقد كان من شعرائه الوزير ابن عمار وابن اللبانة. وأبو بكر الداني وكلهم من فحول الأندلس وضرب له البحر من صقلية صاحبنا ابن حمديس وأبو العرب مصعب بن محمد بن أبي الفرات القرشي الزبيري الصقلي الشاعر بعد أن بعث إليه ابن عباد خمسمائة دينار يتجهز بها ويتوجه إليه وكذلك بعث إلى أبي الحسن الحصري القيرواني الشاعر صاحب الأبيات المشهورة التي أولها:

يا ليل الصب متى غده ... أقيام الساعة موعده

رقد السمار فارَّقه ... أسف للبين يردده

والتي وازنها أمير الشعراء لعهدنا أحمد بك شوقي بأبيات أولها:

مضناك جفاه مرقده ... وبكاه ورحم عوده

ووازنها أحد المتقدمين بقوله:

قد مل مريضك عوده ... ورثي لاسيرك جسده

لم يبق جفاك سوى نفس ... زفرات الشوق تصعده

هاروت يعنعن فن السحـ - ـر إلى عينيك ويسنده

وإذا أغمدت اللحظ فتكـ - ـت فكيف وأنت تجرده

كم سهل خدك وجه رضى ... والحاجب منك يعقده