يصف بركة تجري إليها المياه من شاذوران من أفواه طيور وزرافات وأسود
والماء منه سبائك من فضة ... ذابت على درجات شاذروان
وكأنما سيف هناك مشطب ... ألقته يوم الحرّ كف جبان
كم شاخص فيه يطيل تعجبا ... من دوحة نبتت من العقيان
عجباً لها تسقى الرياض ينابعاً ... نبعت من الثمرات والأغصان
خصت بطائرة على فنن لها ... حسنت فأفرد حسنها من ثاني
قس الطيور الخاشعات بلاغة ... وفصاحة من منطق وبيان
فإذا أتيح لها الكلام تكلمت ... بخرير ماء دائم الهملان
وكأن صانعها استبد بصنعه ... فخر الجماد بها على الحيوان
أوفت على حوض لها فكأنها ... منها على العجب العجاب رواني
فكأنها ظنت حلاوة مائها ... شهدا فذاقته بكل لسان
وزرافة في الجو من أنبوبها ... ماء يريك الجري في الطيران
مركوزة كالرمخ حيث تري له ... من طعنة الحلق انعطاف سنان
وكأنها ترمي السماء ببندق ... مستنبط من لؤلؤ وجمان
لو عاد ذاك الماء نفطاً أحرقت ... في الجو منه قميص كل عنان
في بركة قامت علي حافاتها ... أسد تذل لعزة السلطان
ترعت إلى ظلم النفوس نفوسها ... فلذلك انتزعت من الأبدان
وكأن برد الماء منها مطفئ ... ناراً مضرجة من العدوان
وكأنما الحيات من أفواهها ... يطرحن أنفسهن في الغدران
ومثل قصيدته التي ذكرناها في العدد ٥ و ٦ وفيها يقول وهو مما لم يذكر ثمت
قصر لو أنك قد كحلت بنوره ... أعمى لعاد إلى المقام بصيرا
واشتق من معنى الجنان نسيمه ... فيكاد يحدث بالعظام نشورا
نسي الصبيح مع الفصيح بذكره ... وسما ففاق خورنقا وسديرا
لو أن بالإيوان قوبل حسنه ... ما كان شيئاً عنده مذكورا
أعيت مصانعه على الفرس الألى ... رفعوا البناء واحكموا التدبيرا