للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالزعماء واشنجتون وسواه ولا سيما بالأبطال بيم وهامبدين وأليوت الذين سلبهم ثمار أعمالهم العالية ثم أوسع تلك الثمار إفساداً وتشويهاً.

وليس بعجيب أن يكون ذلك الرأي القبيح هو رأي القرن الثامن عشر والشيء من معدنه لا يستغرب. وما قلنا في خادم غرفة خادم الملك منطبق تماماً على الرجل الملحد. كلاهما لا يفهم معنى البطولة ولا يعرف البطل إذا رآه! والخادم ينتظر أن يرى للملك ثياباً فاخرة مرصعة بالذهب والفضة مرصعة بالدر والجوهر. وحاشية كثيفة من الخول والأتباع وأبواقاً تصيح وطبولاً تقرع. والرجل الملحد - رجل القرن الثامن عشر - ينتظر أن يرى للأمام الرئيس قواعد محترمة أو ما يسمونه مبادئ وينتظر أيضاً أسلوباً خطابياً نعته الناس بالجودة والبراعة يحاج عن نفسه ويدافع في أفصح بيان وأنق لهجة فيفوز باستحسان قرن كاذب متصنع كالقرن الثامن عشر. وجملة القول أنه ينتظر ما ينتظره الخادم - أعني زخارف ظاهرية وأثواباً وقشوراً وقوالب ورسوماً ليست من الحق الصراخ في شيء. كلاهما يريد الزخرف والزينة السطحية ليقر بأن صاحبها ملك وبطل. فإذا برز لهم الملك في سيمياء القشف والخشونة وزي الفقراء والصعاليك أنكروه وقالوا ليس بملك.

وما كنت قط لأقول صراحة أو تلميحاً أدنى ما يحط من أقدار رجال كاليوت وهامبدين وبيم. أولئك أقر لهم بالنفع وأشهد لأعمالهم بالنفع. ولقد قرأت كل ما تيسر لي مما كتب ونيتي وإرادتي أن استلذ عهودهم وأعجب بأنبائهم وسيرهم وأعبدهم عبادة أبطال هذه نيتي وإرادتي ولكنها لسوء الحظ لم تحقق. نعم لقد كنت أحمد ظواهر أولئك الرجال. ولكن نفسي لا تجد تمام الارتياح لبواطنهم. ولا أنكر أنهم كانوا عصبة كراماً أمجاداً يمشون الهوينا عليهم برود العزة وسرابيل الجلال فإذا نطقوا فما شئت من حكمة ولب تجري الفصاحة بين قلوبهم وألسنتهم وتجول الفلسفة بين لهواتهم وشفاههم ويتحدرون بالخطب البرلمانية تحدر السيل ويتدفقون بها تدفق اليعبوب. ويأخذون في الأغراض التشريعية والاقتراحات الإدارية فيطيلوا عنان القول ويملئوا الدلو إلى عقد الكرب مرسلين الحكمة في عرض كلام كالجوهر المنثور تجول على صدره قلائد البيان ويطرد في أثنائه ماء البديع ويتحير في حواشيه رونق الحسن - فحبذا هم من رجال أساطين علم وأئمة تشريع وأولي عزة ومجد وجلال. ولكن قلبي بعد كل ذلك لا يخف لهم ولا تجيش أحشائي ولا تهتز جوانحي. اللهم إلا خيالي