للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأن لم يغن بالأمس وإن لأعلم أنه على المرء أن يسير في جميع أمره طبق قوانين الطبيعة وإلا أبت أن تجيب طلبته وتعطيه بغيته كذب والله ما يذيعه أولئك الكفار وإن زخرفوه حتي خيلوه حقا وزور وباطل وإن زينوه حتى أوهمو صدقاً ومحنة والله ومصاب أن ينخدع الناس شعوباً وأمماً بهذه الأضاليل وتسود الكذبة وتقود بهاتيك الأباطيل وإنما هو كما ذكرت لكم من قبيل الأوراق المالية المزورة يحتال لها الكذاب حتى يخرجها من كفه الأثيمة ويحيق مصابها بالغير لا به وأي مصاب وأبيكم؟ مصاب كمصاب الثورة الفرنسية وأشباهها من الفتن والمحن تصيح بملء أفواهها هذه الأوراق كاذبة!.

أما الرجل الكبير خاصة فإني أقول عنه يقيناً أنه من المحال أن يكون كاذباً فإني أرى الصدق أساسه وأساس كل ما به من فضل ومحمدة وعندي إنه ما من رجل كبير - ميرابو أو نابليون أو بارنز أو كرمويل - كفء للقيام بعمل ما إلا وكان الصدق والإخلاص وحب الخير أول باعثاته عل محاولة ما يحاول أعنى أنه رجل صادق النية جاد مخلص قبل كل خواص الرجل العظيم كيفما كان لا أريد أخلاص ذلك الرجل الذي لا يبرح يفتخر للناس بإخلاصه كلا فإن هذا حقير جداً وأيم الله هذا إخلاص سطحي وقح وهو في الغالب غرور وفتنة إنما أخلاص الرجل الكبير هو مما لا يستطيع أن يتحدث به صاحبه كلا ولا يشعر به بل لا حسب أنه ربما شعر من نفسه بعدم الإخلاص إذ أين ذاك الذي يستطيع أن يلزم منهج الحق يوماً واحداً نعم إن الرجل الكبير لا يفخر بإخلاصه قط بل هو لا يسأل نفسه أهي مخلصة وبعبارة أخرى أقول أن إخلاصه غير متوقف على إرادته فهو مخلص على الرغم من نفسه سواء أراد أم لم يرد هو يرى الوجود حقيقة كبرى تروعه وتهوله - حقيقة لا يستطيع أن يهرب من جلالها الباهر مهما حاول هكذا خلق الله ذهنه وخلقة ذهنه على هذه الصورة هو أول أسباب عظمته هو يرى الكون مدهشاً ومخيفاً وحقاً كالموت وحقاً كالحياة وهذه الحقيقة لا تفارقه أبداً وإن فارقت معظم الناس فساروا على غير هدى وخبطوا في غياهب الضلال والعماية بل تظل هذه الحقيقة كل لحظة بين جنبيه ونصب عينيه كأنها مكتوبة بحروف من اللهب لا شك فيها ولا ريب ها هي! ها هي! - فاعرفوا هداكم الله أن هذه هي أول صفات العظيم وهذا حده الجوهري وتعريفه وقد توجد هذه في الرجل الصغير