فهي جديرة أن توجد في نفس كل إنسان خلقه الله ولكنها من لوازم الرجل العظيم ولا يكون الرجل عظيماً إلا بها.
مثل هذا الرجل هو ما نسميه رجلاً أصلياً صافي الجوهر كريم العنصر - فهو رسول مبعوث من الأبدية المجهولة برسالة إلينا فقد نسميه شاعراً أو نبياً أو الهاً وسواء هذا أو ذاك أو ذلك فقد نعلم أن قوله ليس بمأخوذ من رجل غيره ولكنه صادر من لباب حقائق الأشياء نعم هو يرى باطن كل شيء لا يحجب عنه ذلك باطل الاصطلاحات وكاذب الاعتبارات والعادات والمعتقدات وسخيف الأوهام والأراء وكيف وإن الحقيقة لتسطع لعينه حتى يكاد يعشى لنورها ثم إذا نظرت إلى كلمات العظيم شاعراً كان أو فيلسوفاً أو نبياً أو فارساً أو ملكاً ألا تراها ضرباً من الوحي والرجل العظيم في نظري مخلوق من فؤاد الدنيا وأحشاء الكون فهو من الحقائق الجوهرية للأشياء وقد دل الله على وجوده بعدة آيات أرى أن أحدثها وأجدها هو الرجل العظيم الذي علمه الله العلم والحكمة فوجب علينا أن نصغي إليه قبل كل شيء.
وعلى ذلك فلسنا نعد محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغية أو يطمح إلى درجة ملك أو سلطان أو غير ذلك من الحقائر والصغائر وما الرسالة التي أداها الأحق صراح وما كلمته إلا صوت صادق صادر من العالم المجهول كلاما محمد بالكاذب ولا الملفق وإنما هو قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع ذلك أمر الله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وهذه حقيقة تدمغ كل باطل وتدحض حجة القوم الكافرين.
وهب لمحمد (عليه السلام) غلطات وهفوات - وأي إنسان لا يخطيء إنما العصمة لله وحده - فإنه ليس في طاقة أية هفوات أو غلطات أن تزرى بتلك الحقيقة الكبرى وهي أنه رجل صادق ونبي مرسل.
وأرانا على العموم نجسم الهفوات ونجعل من الجزئيات حجباً تستر عنا الحقائق الكلية. الهفوات؟ أيحسب الناس أنه يخلو منها إنسان أن أكبر الهفوات عندي أن يحسب المرء أنه برئ من الهفوات ما بال الناس لا يذكرون نبي الله داود؟ ألم يرتكب داود أفظع الجرائم وأشنع الآثام إلا ما أهون أمر الذنوب وأصغر خطر الأغلاط - الجزئيات والقشور - إذا