للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به من أسباب العمران ويجتمع إليه من سن الحياة ثم ما نصعب على هذا التاريخ من أحوال الأمم وما تسمح له من قيادها وبالجملة كل ما يصور هذه الحياة الصامتة بأجزائها وألوانها حتى تنطق أو نفهم عنها كأنها تنطق.

وأما النقل فهو مما نعزز به اللغة والتاريخ لأننا قصرنا ذلك على الطرفة الممتعة من الأدب والأسلوب الرائع من الكلام والنادرة الفذة من التاريخ وما يكون من مثلها مما لا يذو مناله إلا الذي باع، ولا يتحصل إلا بعد التوفر على الاطلاع.

وإن لنا في ذلك غرضا هو أكبر الغرضين وأوفاهما بالفائدة نتذرع به من أحياء آثار العقول إلى أحياء العقول نفسها فإن أمة لم يستفتح كل جيل من تاريخها بأسماء رجالها ونوابغها حتى يظلوا فيها أحياء بآثارهم وكأنهم لم يخرجوا من الدنيا إلا ليتجردوا من المادة الفانية وليعودوا إليها عقولا خالدة - هي أمة لا تنبغ فيها العقول إلا نبوغ الإصطلاح الذي تقضي به ضرورة الاجتماع.

وما من جماعة وإن كانوا من عصارة الزنج إلا وأنت واجد منهم النبوغ الاصطلاحي ولو بالعادات والخرافات والعضلات والأنياب والأظفار ونحوها مما تعده الجماعة من مقومات الحياة.

ولولا أن طائفة من حكمائنا وأهل الإصلاح فينا عملت على نشر الكتب القيمة مما تركه أسلافنا لما تخطينا في الأدب ذلك الطور الإصلاحي الذي وقف عنده تاريخنا ولبقينا حيث كنا من قبل نستنفد أيامنا في غير درك ونضيع أنفاس الحياة فيما لا حياة فيه.

(وأما التعريب) والنقل عن اللغات الأجنبية فإننا أردنا به إتمام عملنا إذ لا نزعم إننا أباء الأرض ولا أبناء السماء إنما نحن امة من الأمم تستمد من التاريخ الإنساني لتعمير مكانها من هذا التاريخ، فنحن في أشد الحاجة إلى مبدعات العقول حتى نشا به الأمم التي تطيف بنا في كل ما يجعلنا امة وحتى نجانسها في تاريخ الاجتماع جناسا لا تاما ولا مقلوبا فإن كليهما شر على استقلال الأمة من الأخر. وإنما نريد الجناس المعنوي الذي يشبه عند الترجيح مكافأة قوة لقوة أخرى.

والأمم في منازعة الحياة كالجيوش إن لم تكن في كل جيش قوته الذاتية لم ينفعه ما يقتبسه من أساليب استعمال القوة عن الجيوش الأخرى فكل ما أنتجت العقول الغربية هو عندنا في