للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلنضرب صفحاً عن مذهب الجائرين القائل أن محمداً كاذب ونعد موافقتهم عاراً وسبة وسخافة وحمقاً فلنربأ بنفوسنا عنه ولنترفع.

وكان من شأن محمد أن يعتزل الناس شهر رمضان فينقطع إلى السكون والوحدة دأب العرب وعادتهم ونعمت العادة ما أجل وأنفع ولاسيما لرجل كمحمد لقد كان يخلو إلى نفسه فيناجي ضميره صامتاً بين الجبال الصامته متفتحاً صدره لأصوات الكون الغامضة الخفية أجل حبذا تلك عادة ونعمت فلما كان في الأربعين من عمره وقد خلا إلى نفسه في غار بجبل حراء قرب مكة شهر رمضان ليفكر في تلك المسائل الكبرى إذا هو قد خرج إلى خديجة ذات يوم وكان قد استصحبها ذلك العام وأنزلها قريباً من مكان خلوته فقال لها إنه بفضل الله قد استجلى غامض السر واستثار كامن الأمر وإنه قد أنارت الشبهة وانجلى الشك وبرح الخفاء وإن جميع هذه الأصنام محال وليست إلا أخشاباً حقيرة وإن لا اله إلا الله وحده لا شريك له فهو الحق وكل ما خلاه باطل خلقنا ويرزقنا وما نحن وسائر الخلق والكائنات إلا ظل له وستار يحجب النور الأبدي والرونق السرمدي الله أكبر ولله الحمد: ثم الإسلام وهو إن نسلم الأمر لله ونذهن له ونسكن إليه ونتوكل عليه وإن القوة كل القوة هي في الاستنامة لحكمه والخضوع لحكمته والرضا بقسمته أية كانت في هذه الدنيا وفي الآخرة ومهما يصبنا به الله ولو كان الموت الزؤام فلنتلقه بوجه مبسوط ونفس مغتبطة راضية ونعلم أنه الخير وأن لا خير إلا هو ولقد قال شاعر الألمان وأعظم عظمائهم جايتي إذا كان ذلك هو الإسلام فكلنا إذن مسلمون نعم كل من كان فاضلاً شريف الخلق فهو مسلم وقد ما قيل أن منتهى العقل والحكمة ليس في مجرد الإذعان للضرورة - فإن الضرورة تخضع المرء برقم أنفه ولا فضل فيما يأتيه الإنسان مكرها - بل في اليقين بأن الضرورة الأليمة المرة هي خير ما يقع للإنسان وأفضل ما يناله وإن لله في ذلك حكمة تلطف عن الأفهام وتدق عن الأذهان وإنه من الافن والسخف أن يجعل الإنسان من دماغه الضئيل ميزاناً لذلك العالم وأحواله. بل عليه أن يعتقد أن للكون قانوناً عادلاً وإن غاب عن إدراكه. وإن الخير هو أساس الكون والصلاح روح الوجود والنفع لباب الحياة نعم عليه أن يعرف ذلك ويعتقده ويتبعه في سكوت وتقوى.

أقول وما زالت هذه الخطة المثلى والمذهب الأشرف الأطهر: وما زال الرجل مصيباً