للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظافراً وحراً وكريماً وسائراً على المنهج الأقوم وسالكاً سبيل السعادة ما دام معتصماً بحبل الله متمسكاً بقانون الطبيعة الأكبر الأمكن غير مبال بالقوانين السطحية والظواهر الوقتية وحسابات الربح والخسارة نعم هو ظافر إذا اتبع ذلك القانون الكبير الجوهري - قطب رحى الكون ومحور الدهر - وليس بظافر إذا فعل غير ذلك وحقاً إن أول وسيلة تؤدي إلى اتباع هذا القانون هو الاعتقاد بوجوده ثم بأنه صالح بل لا شيء غيره صالح! وهذا يا إخواني هو روح الإسلام! وهذا هو أيضاً روح النصرانية والإسلام لو تفقهون ضرب من النصرانية والإسلام والنصرانية يأمراننا أن نتوكل على الله قبل كل شيء وأن نفطم النفس عن الشهوات وننهى القلب عن الهوى وإن لا نجمع في عنان المنى وأن نصبر على البث والأسى وأن نعرف أنا لا نعرف شيئاً وأن نرضى من الله كل ما قسم ونعدها يداً بيضاء ونعمة غراء ونقول الحمد لله على كل حال وتبارك الله ذو الجلال والإكرام ونقول إنا بقسمة الله راضون ولو كان ما قسم لنا المنون.

فمن فضائل الإسلام تضحية النفس في سبيل الله وهذا أشرف ما نزل من السماء على نبي الأرض نعم هو نور الله قد سطع في روح ذلك الرجل فأنار ظلماتها هو ضياء باهر كشف تلك الظلمات التي كانت تؤذن بالخسران والهلاك وقد سماه محمد (عليه السلام) وحيا وجبريل وأينا يستطيع أن يحدث له اسماً ألم يجئ في الإنجيل أن وحي الله يهبنا الفهم والإدراك؟ ولا شك أن العلم والنفاذ إلى صميم الأمور وجواهر الأشياء لسر من أغمض الأسرار لا يكاد المنطقيون يلمسون منه إلا قشوره وقد قال نوفاليس أليس الإيمان هو المعجزة الحقة الدالة على الله؟ فشعور محمد إذ اشتعلت روحه بلهيب هذه الحقيقة الساطعة بأن الحقيقة المذكورة هي أهم ما يجب على الناس علمه لم يك إلا أمراً بديهياً وكون الله قد أنعم عليه بكشفها له ونجاه من الهلاك والظلمة وكونه قد أصبح مضطراً إلى إظهارها للعالم أجمع - هذا كله هو معنى كلمة محمد رسول الله وهذا هو الصدق الجلي والحق المبين.

ويخيل إلينا أن الصالحة خديجة أصغت إليه في دهشة وشك ثم آمنت وقالت إي وربي إنه لحق ونتوهم أن محمداً شكر لها ذلك الصنيع ورأى في إيمانها بكلمته المخلصة المقذوفة من بركان صدره جميلاً يفوق كل ما أسدت إليه من قبل فإنه ليس أروح لنفس المرء ولا أثلج لحشاه من أن يجد له شريكاً في اعتقاده ولقد قال نوفاليس ما رأيت شيئاً قط آكدليقيني