للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له الخير؟؟

في سبيل الشفقة!! نحن لا نفكر في أنفسنا بعد؟؟ كذلك تقول البلاهة مرة أخرى الحقيقة أننا في هذه الشفقة - وأعني ما يدعوه الناس شفقة خطأ - لا نفكر بأنفسنا على عمد - ولكننا نفكر بها اضطراراً، كما تتوازن حركات الإنسان إذا زالت قدمه من غير رجوع منه إلى قواه العاقلة، وهو مع ذلك يحكم حركاته أحكاماً لايهدي التروي إلى أقوم منه.

يلم المصاب ببعض الناس فيسؤنا ذلك، بل أنه ليحرك فينا الضعة والجبن، وينبه في قلوبنا الجزع تنبيهاً نحاول أن نفر منه بإعانة ذلك المرزوء. إن كانت معونته في وسعنا، وإلا خشينا أن تصغر كرامتنا في أعين الناس أو نستصغر أنفسنا. وكأن المصائب التي تحل بسوانا بنان تشير إلى الخطر على النفس - وقد خلق الإنسان هلوعاً فتؤلمنا تلك المصائب أيما إيلام.

ثم نحاول أن ننفض عنا ذلك الألم، فنقابله بشفقة يختفي وراءها إحساس كمين بالذود عن النفس، وقد يغلو هذا الإحساس فيصبح ميلاً إلى الانتقام.

أما أننا لا نعني إلا بأنفسنا في باطن الأمر فظاهر من موقفنا حيثما نستطيع الإشاحة بأبصارنا عمن يكابدون مضض الحياة، أو صم آذاننا عن استغاثة الملهوفين وصراخ المتوجعين،

فنحن لا نبتعد عنهم ما دمنا نستطيع أن ننجدهم نجدة القوى القادر، وندنو منهم لنشعر بنعيمنا من شقائهم. ونغبط أنفسنا بالحنو عليهم. أو نخفف من همومنا بمقارنتها بهمومهم. أو لنغتم منهم الثناء وطيب السمعة.

ومن الضلال أن نسمي هذا الإحساس مشاركة في الألم. فإنه إحساس بنوع من الألم لا يحس شيئاً منه أولئك الذين نرثي لحالهم. وإنما هو إحساسنا المحض، كما أن إحساسهم بآلامهم مقصور عليهم لا نشاركهم فيه.

هذا الضجر الذي يعنينا نحن دون سوانا هو الذي يبرمنا فنتخلص منه بالشفقة على أننا لا نستسلم لتلك العاطفة انقياداً لنزعة فذة. ولكننا ننفض عنا الألم ونتوسل إلى الغبطة والراحة بعمل واحد.

وإن الغبطة لتتولانا عند ما نأنس من أنفسنا التفوق على سوانا.