يكون أستاذاً في حسن نظام العيشة عارفاً بالذي له وعليه مؤدياً حقوق السيد أو الخادم وواجب الزوج والأب والصاحب وذاك لعمر الله أمر أعوص مطلباً من التفوق في الشعر والكتابة. والحرب والخطابة. يستلزم من قوة العقل أكثر مما يستلزمه التبريز في تلك العلوم والفنون. والسبب الذي من أجله يخيب معظم من يتصدى للفن والعلم هو عين الذي يخيب من أجله. معظم الخلق فى بلوغ الرتبة المرضية في فن المعيشة. وإني أحسب أن خطيئة الناس في فن المعيشة هو أنهم لا يرون الإنسان مقدساً. وهي عين خطيئة الحكومات والمدارس والديانات جميعاً.
لقد جاء في أساطير الأولين أنه جيء مرة إلى بلاط الملك أرثار من عالم الجن بكساء هدية لأجمل أهل البلاط منظراً. وأطهرهم مخبراً. ولكن من ذاك الذي الأجمل الأطهر؟ هو من إذا لبس الكساء كان محكماً عليه لا نقص ولا زيادة. فجعل كل من البلاط يجربه فلا يراه محكماً. وإذا هو أوسع على هذا من عرض الفضاء وأضيق على هذا من سم الخياط طويل على البعض قصير على البعض. فقالوا جميعاً إبليس في الكساء وباطلاً قالوا إنما إبليس فيهم وليس فى الكساء إلا الحق وما فيه من عيب ولكنه يظهر عيوبهم ويبين عوراتهم فأحجموا عن الكساء مذعورين وجلين حتى جربته ذات الكرم والعفاف جنلاس فإذا هو عليها محكم. وكذلك في دماغ كل امرئ مقياس يقيس به قيم الرجال من كل غاد ورائح فلا يكاد يجد في الألف واحداً يبلغ هذا المقياس ويساوى ذلك النموذج كلا ولا نفسه ولا من كان يحسن بهم ظناً ويراهم من الشرف في الذروة والسنام:
نزلوا من مباءة المجد قدماً ... في مناديحها الطوال العراض
أولئك الذين كان من يراهم أطواداً وبحاراً. وأبطالاً جلة كباراً. لقد قلوا فى عينه بعد أن نظرهم بذاك النبراس. ودقوا فى نفسه بعد أن قاسهم بذلك المقياس رآهم أدنياء المقاصد سفلة الأغراض. خبيثي العلل معضلي الأمراض. يقنعون من عليا ذؤابة المجد بأدنى مراتبه ومن أجزل مرابح الشرف بأخس مكاسبه. يكفيهم من حديقة الكرم نفحة. ومن أنوار الحقيقة لمحة. لكل مطمح دنيء لا يري في الوجود غيره فإذا هو ناله ظنه قد نال الدنيا بحذافيرها فيقعد لا يصنع بعد ذلك شيئاً إلا أنه يجعل هذا الأمر الذي بلغه أصلاً يرجع إليه كل ما يقع له في سائر عمره وتاريخاً لقياس الزمن. وهذه الغاية المطلوبة تكون عند المرأة