للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه الحالة أشبه بفرنسه اللاتينية منه بإنكلتره السكسونية؟؟ وكأن الدكتور يحس بركة تعليله في هذه النقطة فجعل الاشتراكية آفة أوربية عامة، وعبر المحيط الأطلسي ليجد له في الدنيا الجديدة برهاناً يدعم به رأيه. فانظر كيف يقول في ذلك: وإذا أردنا أن نعرف بكلمة واحدة ما بين أوربا والولايات المتحدة من التفاوت قلنا أن الأولى مثال ما يمكن أن تنتجه الأمة التي قامت فيها الحكومة مقام الفرد. والثانية مثال ما يمكن أن تنتجه همة الأفراد الذين خلصوا من كل ضغط رسمي. وليس لهذه الفروق الكلية منشأ إلا الأخلاق ومن المحقق أن الاشتراكية الأوربية لا تجد لها مكاناً تنزل به في البلاد الأميركية. لأن الاشتراكية آخر دور من أدوار استبداد الحكومة فلا عيش إلا في الأمم التي شاخت بعد أن خضعت قرونا طويلة إلى نظام أفقدها الأهلية لحكم نفسها. . . . . اهـ.

ولكنا نقول للدكتور أن الاشتراكية قد سبقته إلى الولايات المتحدة أيضاً. وأنها ليست في بلد من البلدان أجهر صوتاً مما هي هناك. فليس في الدنيا حكومة تضطهد الشركات كما تضطهدها جمهورية الولايات المتحدة. وقد طاردت هذه الحكومة منذ سنوات أكبر شركات الاحتكار فحلتها وألزمتها غرامة فادحة. فكان الجمهور الأميركي يهلل لها ويثني عليها. وإذا قرأت أيام الانتخابات برنامج كل حزب من أحزاب السياسة هناك رأيت كيف تتبارى في إرضاء طوائف العمال ومهاجمة كبار الماليين. وكيف تحبر الصحف الفصول الطوال في تقبيح مطامع الأغنياء والعطف على الفقراء. فإن كان الدكتور يعني بالاشتراكية غير هذا. فليهدأ بالاً فليس في أميركا ولا في أوربة. لا بل ولا في الدنيا بأجمعها اشتراكية.

وفيما خلا وصف روح الأمة وشرح ما لهذه الروح من التأثير في تكوينها. فالكتاب بجملته حملة منكرة على المساواة والاشتراكية. يخيل إليك أن الدكتور لوبون يكتب عن المساواة بقلم شارل الأول أو لويس السادس عشر. وأنه يكتب عن الاشتراكية بإيعاز من روتشيلد أو روكفلر فتراه ينعى على مبدأ المساواة ولكنك لا تعلم منه كيف يكون عدم المساواة. وتراه يتشاءم من الاشتراكية كما يتشاءم الناس من نعيب البوم. لا يعلمون لذلك التشاؤم سبباً. ولعل في الاشتراكية شيئاً من ثقل الدم لا يقبله مزاج بعض الناس ومنهم الدكتور لوبون؟؟

فمن أقواله عن المساواة: غاب عن بعض الفلاسفة تاريخ الإنسان وتقلب ماهية قوته العاقلة وتغير قوانين تناسله الطبيعية فقاموا ينشرون في الناس فكرة المساواة بين الأفراد وبين