للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عيسى ابن جعفر أو جعفر بن عيسى ما دمنا لا ندري كيف كان منه أو من غيره من الناس، وكيف كانت صلته بأهل زمانه، وكيف كانت مؤالفتهم له ومعاشرته لهم، كأن ابن الرومي لم يكن شاعراً كالبحتري أو المتنبي اللذين امتلأت من أخبارهما الأسفار أو كأنه لا يستحق من عناية المؤرخين مثل ما استحق عمر بن أبي ربيعة وأضرابه مثل كثير وجميل. أو المجنون الذي ينكره بعضهم وينفي وجوده، أو مثل ما استحق مركوب أبي القاسم.

ولد في خلافة المعتصم وأدرك الواثق والمتوكل والمنتصر والمعتز والمهتدي والمعتمد والمعتضد - فلم يؤاسوه بأموالهم ولا أسهموا له في هباتهم ولا استحيوا أن يكون في عصورهم شاعر مثله في الحضيض الأوهد من الفقر والخصاصة ورقة الحال. ولسنا نظن أنه كان مولى رجل من العباسيين وكان متصلاً بالوزير أبي الحسين القاسم بن عبد الله وزير المعتضد وقد روى المسعودي في مروج الذهب عن محمد بن يحيى الصولى الشطرنجي قال كنا يوماً نأكل بين يدي المكتفي فوضعت بين أيدينا قطائف رفعت من بين يديه في نهاية النضارة ورقة الخبر وأحكام العمل، فقال هل وصفت الشعراء هذا، فقال له يحيى بن علي نعم قال أحمد بين يحيى فيها:

قطائف قد حشيت باللوز ... والسكر الماذى حشو الموز

تسبح في أزي دهن الجوز ... سررت لما وقعت في حوزى

سرور عباس بقرب فوز

قال وأنشدت لأبن الرومي

وأتت قطائف بعد ذاك لطائف

فقال هذا يقتضي ابتداء فأنشدني الشعر من أوله فأنشدته لأبن الرومي

وخببيصة صفراء دينارية ... ثمناً ولونا رفَّها لك جؤذرُ

عظمت فكادت أن تكون أوزّة ... وثوت فكاد إهابها يتفطر

يا حسنها فوق الخوان وبنتها ... قدامها بصهيرها تتغرغر

ظلنا نقشر جلدها عن لحمها ... وكأن تبرا عن لجين يقشر

وتقدمتها قبل ذاك ثرائد ... مثل الرياض بمثلهن يصدر