للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا حقوق لله على أولئك الذين ينكرونه، ولكن على المتدينين أن يعلموا بدينهم ويصدعوا بعقيدتهم.

ومن المدهش تسامح المتدينين مع من يظهر الأيمان ولا يعمل به وتشددهم في معاملة الملحد وعظيم كراهتهم له مع أن الاثنين سيان لأن المهمل لقواعد دينه في الواقع لا دين له والأيمان عنده ولا يعلق أهمية كبرى على عقائده حتى يفكر في خلعها ويستهتر بها ويعتدها ميثاقاً محلولاً فلا يهتم لنبذها. ومن نظر إلى الأديان نظرة اعتبار واهتمام فألقى حبلها على غاربها وأخلى عقله منها بعد أن فكر فيها كثيراً أقرب رجوعاً إلى الله وأكثر استعداداً لقبول المعتقدات الدينية.

ليس لنا أن نبحث في الطقوس الدينية والشعائر الخاصة بنظام الكنيسة لخروجها عن موضوع هذا الكتاب وعدم تعلقها بالآداب والأخلاق ونقصر القول على المبادئ الدينية العامة التي يشترك فيها جميع الأديان والتي يسميها بعضهم بدين الفطرة.

أول واجب لله عز وجل إطاعة أوامره وتنفيذ إرادته والمتدينون يعتبرون الوازع الأدبي بمثابة إرادة الله ووحي منه إلى القلوب والأفئدة ويرون أن واجب الله هو أول الواجبات وأعظمها فقد قال السيد المسيح أول الواجبات محبة الله ثم أعقبه بقوله أحب لغيرك ما تحبه لنفسك لا فرق بين الآداب عند المتدينين وغير المتدينين فما يعمله الفريق الأول طاعة منه واحتراماً أو خوفاً ورهبة يعمله الفريق الثاني لدواع اخر وسواء كانت الحكمة المحصنة هي التي ألهمت الضمائر الوازع الأدبي أم ذات عليا هي التي أوحت به إلى القلوب فالوازع واحد لا فرق فيه.

إن أهم التكاليف الدينية بعد محبة الله ولب الدين ومحوره الذي يدور عليه هي الصلاة.

وليست الصلاة بركوع وسجود وترتيل وتمتمة وإنما هي صعود بالروح إلى الله وتمثله في مخيلتك والإخلاص في حبه بل هي هتاف ذاكرتك وخفقان قلبك وأنعام فكرك، وإن أردت الصلاة فأحب الله واستحضره في ذهنك، إنه يقرأ ما يكنه صدرك وما يجول في خاطرك.

يستمد الحب نوره من العطف والحنين وذلك أن تتجاوب القلوب بخفقانها وتتناجى الأرواح بمكنوناتها وجدانها على لسان من الانفعالات النفسية التي تظهر على الوجوه والأطراف، والحبيب في حديثه وأفعاله ونظرات طرفه وتقاسيم وجهه وابتسام ثغره يزيدنا تعلقاً به