للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وغاية تحصيله. وبين من قد نال الوفاء عنه والدعة وسلم من البوائق مع كثرة الأثر أو قضاء اللذات من غير منة لاحد ولا منة يعتدي بها ومن هو من نعم المفضلين خلى وبين من قد استرقه المعروف واستعبده الطمع ولزمه ثقل الصنيعة وطوق عنقه الامتنان واسترهن بتحمل الشكر * وقد علم المسلمون أن خيرة الله من خلقه. وصفيه من عبادة والمؤتمن على وحيه من أهل بيت التجارة وهي معولهم وعليها معتمدهم وهي صناعة سلهم. وسيرة خلفهم. ولقد بلغتك بسالتهم. ووصفت لك جلادتهم. ونعتت لك أحلامهم. وتقدر لك سخاؤهم وضيافتهم وبذلهم ومواساتهم. وبالتجارة كانوا يعرفون ولذلك قالت كاهنة اليمن لله در الديار لقريش التجار وليس قولهم قرشي كقولهم هاشمي وزهري وتيمي لأنه لم يكن لهم أب يسمى قريشاً فينتسبون إليه ولكنه اسم اشتق لهم من التجارة والتقريش فهو أفخم أسمائهم. وأشرف أنسابهم. وهو الإسم الذي نوه الله تعالى به في كتابه وخصهم به في محكم وحيه وتنزيله فجعله قرآناً عربياً يتلى في المساجد ويكتب في المصاحف ويجهر به في الفرائض ولهم سوق عكاظ وفيهم يقول أبو ذؤيب:

إذا ضربوا القباب على عكاظ ... وقام البيع واجتمع الألوف

وقد عبر النبي صلى الله عليه وسلم وآله برهة من دهره تاجراً وشخص فيه مسافراً وباع واشترى حاضراً والله أعلم حيث يجعل رسالته ولم يقسم الله مذهباً رضياً ولا خلقاً زكياً ولا عملاً مرضياً إلا وحظه منه أوفر الحظوظ وقسمه فيه أجزل الأقسام ولشهرة أمره في البيع والشراء قال المشركون ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فأوحى الله إليه وما أرسلنا قبلك من المرسلين - إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق فأخبر أن الأنبياء قبله كانت لهم صناعات وتجارات.

والذي دعا صاحبك إلى ذم التجارة توهمه بقلة تحصيله أنها تنقص من العلم والأدب وتقتطع دونهما وتمنع منهما فأي صنف من العلم لم تبلغ التجار فيه غاية أو يأخذوا منه بنصيب أو يكونوا رؤساء أهله وعليهم هل كان في التابعين اعلم من سعيد بن المسيب أو أنبل وقد كان تاجراً يبيع ويشتري وهو الذي يقول ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضوان الله عليهم قضاء إلا وقد علمته وكان أعبر الناس للرؤيا وأعلمهم بأنساب قريش وهو من كان يفتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه