للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من المثل الأعلى في الحياة متلجلجاً في صدور الرجل والنساء، ومنشؤه شدة الصحف اليومية، وليس في عصبة الرجال من رجل، ولا في جماعة النساء من امرأة، لا يكونان بالزواج السعيد أسعد حالاً وأنعم عيشاً، ولذلك نحن نؤمل أن تكون قلة النسبة عرضية لا تلبث أن تزول، وقد أصبحت هذه الأيام الحاضرة أيام حقائق، ولكن لا يسعني إلا أن أظن أننا لن نسمع بعد شيئاً عن قلة الزواج، إذا لم يتشبث الخطيبان بالحقائق جد التشبث، واعتقدا ما هو حق اليوم كما كان من قبل، وهو أن الزواج يقضي في السماء، ولا دخل في قضائه للأرض.

وقالت مسز بي رينولدز من مشهورات الكتاب الروائيين وهي من العجائز:

أن هناك أسباباً كثيرة لقلة نسبة الزواج الحاضرة، فمنها الروح الجديدة السارية بين الناس لطلب السعادة، والسعادة من الكلمات التي أسيء استعمالها جد الإساءة مثل كلمة الحب، وإذا تكلمنا اليوم عن السعادة كشيء ينبغي لنا اقتناؤه، فلا نقصد بذلك كلمة اللهو، ذلكم اللهو الذي يشترى بالمال ويتمتع بع في العطلة والفراغ، والزواج الذي يلازمه دخل قليل هو على نقيض هذه السعادة، إذ يستلزم الجهد والسعي والاستقامة وتضحية النفس، وكلها من الأشياء التي يكرهها هذا العصر ويدعي أنه يحتقرها ويزري بها.

وهناك سبب آخر يعمل في أذهان المبصرين والعقلاء، ذلك أن الجيل الذي تقدمنا - آباؤنا وأجدادنا وجداتنا_كانوا يتزوجون دون تفكير أو استبصار، فكان من ذلك أن بلغت الأسرة عشرة أفراد أو أثني عشر فرداً، على حين أن دخل الأسرة لا يكفي لتعليم أربعة منهم تعليماً نافعاً، ونحن لا نزال نذكر نتيجة ذلك، ولهذا نريد أن نكون أحزم من آبائنا وأبعد نظراً ونريد فوق ذلك أن نكون أحراراً مستقلين، لنستطيع أن نكفل عيشنا ونضمن لأبنائنا ما يستعينون به على جهادهم في هذا العالم، فكان من المستحيل أن نتزوج ونحن في ربيع العمر وحداثة السن، فأما أن ننتظر حتى يتهيأ لنا أمرنا، ونأخذ للزواج عتاده، وأما أن نعجل بالزواج فنهبط في المجتمع، وننزل من مكانتنا التي درجنا فيها، ولا يستطع المقاومة والمصارعة إلا القليلون الأشداء.

وفي الغالب ترى الأنتظار يقلل من رغبتنا التي غالبتنا في زمان الصبا، ويضعفها، ويذهب بها، ونصبح أكثر انزواء عن الزواج وإشفاقاً منه، واعتياداً للعزوبة والعمل تبع أهوائنا،