ويحمل قوله في "الكتاب" أيضًا: في الذي لم يقدر على إزالته من الجوارح، على أن عصيانها مرة واحدة، لا يقدح في تعليمها، وإنما غالب أحوالها، إنما كانت تنزجر.
وتفريق ابن حبيب بين الكلاب والبزاة، يرجع إلى اختلاف حال، وهذا كله قريب.
ولا خلاف في المذهب عندنا: أن الأكل ليس من شروط التعليم، وأنه معلم، وإن أكل يؤكل ما بقى خلافًا للشافعي.
والدليل على ما نقوله: حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن أكل، فكل".
وقال الشافعي رضي الله عنه: "وإن أكل، فلا يؤكل صيده، لأنه ليس بمعلم، لأنه أمسك على نفسه، والله تعالى يقول:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، وهذا الذي قاله ليس بصحيح، لأن نية الكلب أمر غيبي وخفي لا يمكننا الإطلاع عليها، إذ لا يدري على ما أمسك، هل علينا أو على نفسه؟
وقد يمسك علينا ثم يبدو له أن يمسك على نفسه أو بالعكس.
والذي يعلم أن الكلب يصطاد بطبعه، ويستحثه على الصيد الحرص في حق نفسه، ولذلك [يجوعه] الصياد عند إرادة الاصطياد، ليكون ذلك أغرى له على الصيد [والحمد لله وحده](١).