[المسألة الحادية عشرة في تضمين الأجراء والصناع مع تقدم الكلام في تضمينهم]
أما الأجراء فهم على ضربين: أجراء الصناع، وأجراء الحفظ والرعاية.
فأما أجراء الصنع فقد أطلق ابن القاسم في "المدونة" و"الموازية" سقوط الضمان عنهم فيما إذا ادعو الضياع، وفرق بينهم وبين الصناع بأن الأصل سقوط الضمان عن الجميع؛ بدليل الأمانة؛ لأن المالك ما أسلم ملكه إلا لغرض له في ذلك، فضارع المودع؛ لأن السر في سقوط الضمان عنه حصول الغرض الناجز للمودع بحفظ المودع له سلعة لا الحفظ العاري عن الأجرة؛ بدليل أنه لو أخذها لم يخرجه أخذها عن قانون الأمناء في سقوط الضمان، وهذا هو الأصل المستمر في قواعد الشرع، لكن استولى التعبد على تفصيله، فضمن باعتبار عموم البلوى على ما تقدم تفصيلًا وتحصيلًا، وبقى الأجير على الأصل، هكذا جاءت الرواية عن ابن القاسم بسقوط الضمان عن الأجير الصانع، وأن الضمان على الصانع الأجير، فاختلف الأصحاب في تأويل قول ابن القاسم فمنهم من قال: إنما يصح ما قال ابن القاسم إذا كان الأجير يعمل بين يديه، ونصب عينيه، وأما إذا كان يغيب على أخذه [ويجوزه](١) فإنه يضمن كالصانع، وهو قول أشهب في "الموازية"، ولابن القاسم في "العتبية" مثله.
ومنهم من قال: إذا كان الأجير يعمل مقاطعة على العمل فلا فرق بينه