إما أن يكون مما هو حق لله تعالى، أو مما هو حق للآدميين.
فإن كان مما هو حق لله تعالى كالدماء والربا، والفروج، والطلاق، والعتاق، فلا يخلو من أن يطلبوا أن يحكم بينهم بحكم دينهم، أو بحكم الإسلام.
فإن طلبوا أن يحكم بينهم بحكم دينهم، فلا يجوز ذلك ولا يحل بالإجماع.
فإن طلبوا أن يحكم بينهم بحكم الإسلام، هل يتعرض بينهم أم لا؟
فالمذهب على أربعة أقوال:
أحدها: أنه لا يحكم بينهم بحكم المسلمين جملة من غير تفصيل، وهو قوله في "كتاب تضمين الصناع" في الحكم بينهم بالربا، و"كتاب الرجم" في المسلم إذا زنا بالذمية حيث قال: يحد المسلم وترد هي إلى أهل دينها، واللذين حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما بالرجم لم يكونا أهل ذمة، وقال في موضع آخر: وإنما حكم بينهم بالتوراة.
والثاني: أن الحكم جائز بينهم بما تقتضيه شريعة الإسلام، وهو قوله في "كتاب العتق الثاني": إذا عتق عبده واعترف بذلك، وأبى أن يرفع يده عن خدمته، وتحاكما إلينا حيث قال: يحكم عليه بعتقه، ويلزم ذلك في الطلاق، والربا وغيرهما من سائر الحدود.