[المسألة الثانية فيما يتوجه على القاضي إذا دنا إليه الخصمان]
وإذا جلس الخصمان بين يدي القاضي: فهو بالخيار إن شاء سألهما عن خصومتهما، وإن شاء سكت حتى يبتدئاه.
فإذا ابتدءاه أو سألهما، فإن علم المدعي منهما فليبادر له بالكلام، فإن تكلم المدعي أسكت المدعى عليه، واستمع من المدعي حتى يأمره بالسكوت، ويستنطق الآخر.
فإن لم يعلم أيهما المدعي فلا بأس أن يقول لهما: أيكما المدعي، فإن قال هذا سأله, وأسكت صاحبه، فإن قال أحدهما: أنا، وسكت صاحبه ولم ينكر: فلا بأس أن يسأله عن دعواه، واستحب بعض العلماء ألا يسأله حتى يقر له بذلك الآخر.
فإن ادعى كل واحد منهما أنه هو المدعي، وأن صاحبه هو المدعى عليه، فإن علم الذي استعدى على صاحبه وجلبه إلى القاضي: فإنه يسمع منه أولًا.
فإن لم يدر من جلب منهما صاحبه: فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن القاضي يقيهما عنه حتى يأتي أحدهما إلى الخصومة، فيكون هو الطالب، وهو ظاهر قول أصبغ في "كتاب ابن حبيب".
والثاني: أنه يبدأ بمن شاء منهما، وهو قول ابن عبد الحكم، ومن المدونة: قلت لابن القاسم: ما قول مالك في الخصمين إذا أتيا إلى القاضي، فيتبين له أن الحق لأحدهما، فأراد أن يحكم للذي اتضح له