وهذه المسألة مشهورة في الطُّبُولِيَّات، معدودة من جملة المشكلات، وقد تعرض لشرحها أكثر الأشياخ، وأطنبوا في شرحها بالبيان والإيضاح، غير أن كلامهم على الجمليات، ولم يتعرضوا للجزئيات، ومن حق الفروعي الدرب بالمذهب والتشوف إلى الحقائق، والوقوف عليها، والتصدي لجزئيات دقائق الفقه.
ونحن الآن نلخص هذه المسألة تلخيصًا لم نسبق إليه، ونحصل الإشكال الواقع في الكتاب، وما احتوت عليه بواطن الأبواب، فنقول -وبالله التوفيق:
لا يخلو اختلافهما من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يختلفا في الكراء.
والثاني: أن يختلفا في نوعه وجنسه.
والثالث: أن يختلفا في عدده وصفته.
فإن اختلفا في نوعه وجنسه؛ مثل أن يقول أحدهما: وقع الكراء بدنانير، وقال الآخر: بدراهم، أو قال أحدهما: بطعام، وقال الآخر: بل بدنانير: فالحكم في هذا الوجه التحالف والتفاسخ من غير اعتبار بالأشباه، باتفاق المذهب قبل الركوب وبعد الركوب، ويكون له فيما ركب كراء المثل.
فإن اختلفا في عدده وصفته؛ مثل أن يقول أحدهما: وقع الكراء بعشرة، وقال الآخر: بل بخمسة، أو يدعي أحدهما أن الكراء بدنانير