فلا يخلو المقر من وجهين: إما أن يصالح الأولياء على مال، أو لا يصالحهم.
فإن صالحهم على مال يحصوه عليه فلا يخلو من أن يكون جاهلا بالحكم، أو عالما به.
فإن كان جاهلا بالحكم فلا يخلو القتل من أن يكون ببينة، أو بإقرار القاتل بانفراده.
فإن كان القتل ببينة كان للقاتل الرجوع على أولياء القتيل بما قبضوه منه حتى يردوه عليه؛ لأن الدية على العاقلة في هذا الوجه باتفاق.
فإن كان بإقرار القاتل دون بينة تشهد على معاينته فالمذهب يتخرج على ثلاثة أقوال كلها قائمة من "المدونة":
أحدها: أن الدية على العاقلة ويرجع المقر على الأولياء بما قبضوه منه ويسقط عنه ما بقى، وهذا يتخرج على أحد قولي مالك في "كتاب الصلح" من "المدونة"؛ لأن الدية على العاقلة، ويكون معذورًا بالجهل.
والثاني: أن المقر يلزمه ما دفع، وأن ما التزمه يلزمه بالعقد ولا ينتقل عنه إلى العاقلة؛ لأنه التزم ما يلزمه عند بعض العلماء، وفي بعض أقوال مالك في الكتاب أن الدية في مال المقر، على ما سنبينه في الوجه الثاني إن شاء الله، وهذا تأويل أبي عمران الفاسي وغيره على "المدونة".