[المسألة الثامنة في القاضي هل يحكم بعلمه وما أقر به عنده دون بينة تشهد عليه]
وذلك على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقر بذلك عنده قبل أن يستقضي.
والثاني: أن يقر بذلك عنده بعد أن يستقضي في غير مجلس حكمه.
والثالث: أن يقر بين يديه في مجلس حكمه.
فأما القسم الأول: إذا أقر عنده قبل أن يستقضي: فلا خلاف بين أحد من أهل العلم أنه لا يجوز له أن يحكم بذلك الإقرار، فإن فعل: رد ذلك الحكم، وفسخه هو، أو من يأتي بعده، وهكذا حكى القاضي أبو الوليد ابن رشد في كتاب "البيان والتحصيل".
وأما الوجه الثاني: إذا أقر عنده في غير مجلس حكمه بعد أن استقضى: فلا خلاف في المذهب أنه لا يجوز له أن يحكم عليه بذلك الإقرار دون بينة تشهد، وأهل العراق في ذلك يفرقون بين الحدود والإقرار؛ فيحكم عليه بعلمه في الحقوق دون الحدود، والشافعي يجوز ذلك على الإطلاق.
فإن قضى عليه بذلك الإقرار هل ينقضي حكمه أم لا؟
فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن له أن ينقضه ما لم يعزل، وهو قول ابن القصار، وهو مشهور المذهب.