المسألة الثامنة فيمن جحد لرجل مالًا ثم وقع له عندهُ مثلُ ذلك
هل يسوغ له أن يجحده فيه أم لا؟
ولا يخلو الجاحد من أن يكون غاصبًا أو غير غاصب، فإن كان غاصبًا، وقد دلهُ المغصوبُ منهُ على أخذ الشىء المغصوب بعينهِ حقيقة، فلهُ أخذهُ قولًا واحدًا.
فإن ظفر لهُ بغيره من ماله، ولم يظفر بالشيء المغصوب، هل يحلُّ له أخذهُ أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: جواز الأخذ جُملة بلا تفصيل، وهو قول مالك في "الموازية" قال: بخلاف من جحدك [لما جحدك](١) لما جاء فيه من الأثر.
والثاني: التفصيل بين أن يكون عليه ديّن، فلا يجوز له الأخذ، أو لا ديْن عليه فيجوز، وهو قول ابن المواز في "كتابه".
والثالث: التفصيل بين أن يكون معلومًا بالغصب، فلا يجوز له الأخذ؛ لكوْن ذمته مستغرقةٌ بالتباعات، وبين ألا يُعلم بالغصب فيجوز له الأخذَ.
فإن كان الجاحد غير غاصبٍ، مثل أن يكون له عليه ديْنٌ أو أودع عنده وديعة فجحدهُ فيها، ثم ظفر له بمثلِ ذلك أو ما يُساوى قيمتهُ -هل يحل لهُ الجحودُ أم لا؟ فالمذهب على ستة أقوال: