ينبغي أن تعلم أن العبد -وإن قلنا نحن معاشر المالكية أنه يملك على الحقيقة- فإنه منزوع من التصرف في ماله؛ لعقد الرق الذي ارتكب فيه؛ إذ لا يصح للمالك التصرف في ماله إلا بأربعة أوصاف:
البلوغ، والحرية، وكمال العقل، وبلوغ الرشد.
فأما اشتراط الحرية: فلأن العبد -وإن كان يملك- فإن ملكه غير مستقر؛ إذ للسيد انتزاعه منه، فهو محجور عليه فيه لحق السيد، فلا يجوز له فعل، ولا تصرف إلا بإذن سيده.
فإن أذن له السيد: فلا يخلو إذنه من أن يكون إذنًا مطلقًا، أو يكون إذنًا خاصًا.
فإن كان إذنًا عامًا: فتصرفه في جميع أنواع المعاوضات جائزة على اختلاف أنواعها وتباين صفاتها من المتأخر، ولا اعتراض عليه، وله أن يبيع بالدين أو يشتري به، ولا خلاف في ذلك.
فإن كان إذنه إذنًا خاصًا: فلا يخلو من أن يكون خاصًا بالصيغة، والإشهاد، أو خاصًا بالصيغة دون الإشهاد.
فإن كان إذنًا خاصًا بالصيغة والإشهاد، والإشهار على رؤوس الأشهاد؛ مثل أن يأذن له في نوع له من المتاجر، وأشهر ذلك وأعلنه: فلا خلاف -أعلمه- في المذهب نصًا أنه محجور عن التصرف فيما عدا ذلك النوع، وأنه فيه باق على المنع، وأن من عامله في غير ذلك النوع قد عرض ماله للتلف.