فإن كان في القرى حيث تجري أحكام الولاة، ووضعت فيه المقادير لأهل العاملات، فاتفق المتبايعان على التبايع بكيل مجهول، ورغبا عن الكيل الذي به في البلد معمول، هل يجوز بيعهم أم لا؟
فالذي يتخرج من "المدونة" أربعة أقوال:
أحدها: أن البيع فاسد، وهو ظاهر قول ابن القاسم في "المدونة".
والثاني: أن البيع جائز جملة، ولا يفسخ، وهو قوله في "المدونة".
فيمن أسلم إلى رجل في ثياب بذراع رجل بعينه، وذلك الذراع مجهول بالإضافة إلى الذراع الذي حطه الوالي للناس.
والثالث: يمنعان ابتداء، فإن نزل: فإنه يمضي، وهو قول أشهب في ["كتاب] (١) السلم الثاني".
والرابع: التفصيل بين اليسير والكثير، وهو قول ابن القاسم في الذي اشترى ويبة وحفنة بدرهم، فالويبة معلومة، والحَفْنَة مجهولة.
وإن كان ذلك في البوادي حيث لا تجري الأحكام، ولا تصل إليها أوامر الإمام: فلا يخلو المتبايعان من أن يكونا بدويين، أو أحدهما.
فإن كانا بدويين: فالمعاملة جائزة بينهما بهذا الكيل المجهول؛ إذ ذلك غاية المطلوب، والعلة المحذورة التي هي المخاطرة منتفية.