فإن كان أحدهما بدويًا، والآخر حضريًا: فلا يخلو ما يتبايعان فيه من أن يكون يسيرًا، أو كثيرًا.
فإن كان يسيرًا؛ كمحتاج احتاج إلى علف دابته من الشعير فجائز أن يشتريه في البادية بهذا الكيل المجهول.
فإن كان ما يتبايعانه كثيرًا: فهل يجوز للحضري الشراء بكيل البادية أم لا؟
على قولين:
أحدهما: أنه لا يجوز له الشراء بذلك الكيل، ويلزمه أن يحمل الكيل من المدينة.
والثاني: أنه يجوز له الشراء به.
وسبب الخلاف: تغليب أحد الجانبين علي الآخر، هل يغلب جانب المشتري على جانب البائع فيمنع إلا بكيل المدينة، أو تغلب ناحية البائع على المشتري فيجوز بكيل البادية، وهو النظر لما يلحق المشتري من [الضرر](١) في استصحاب الكيل معه حيث ما هو، ومع ذلك لا يسلمان من الغرر المحذور لأن البائع جاهل بمقدار كيل المدينة، فإذا قال بالجواز فيما إذا كان التبايع في المدائن ولا ضرر بالبادية أولى بالجواز مع المشقة اللاحقة، وهو قول مالك في "المدونة": وإنما يجوز أن يتبايعوا فيما بينهم بالقدح والقصعة أو المكيال الذي ليس بمكيال التسوق أو الناس في الشراء من الأعراب حيث ليس ثمَّ مكيال معلوم للناس والأسواق، ولا القرى مثل العلف والتبن والخبط يريد بالمدينة لأنه ليس له كيل معروف؛ فصار شراء