[المسألة الثالثة في معرفة ما هو بجائحة مما ليس بجائحة]
فتحصيله أن الجوائح تنقسم على قسمين:
أحدهما: ما لم يكن أمرًا غالبًا، وأمكن دفعه، والاحتراس منه.
والثاني: ما كان أمرًا غالبًا، ولم يمكن دفعه والاحتراس منه.
فأما ما لم يكن أمرًا بالغًا، وأمكن دفعه والاحتراس منه، فليس بجائحة أصلًا.
وأما ما كان أمرًا غالبًا، ولم يمكن دفعه، ولا قدر على الاحتراس منه، فإن ذلك ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: أن يكون ذلك من فعل الله تعالى، لا اكتساب فيه لمخلوق مكلف: فلا خلاف أنه جائحة يجب القضاء بها، كالريح، والمطر، والبرد، وما أشبه ذلك من الجليد، والجراد، والطير الغلب، وأما انقطاع الماء: فإنه جائحة في القليل والكثير بإجماع.
وأما ما كان من اكتساب المخلوقين المكلفين، ولا يمكن الاحتراس منه؛ كالجيش، والسارق: فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه جائحة في الجيش، والسارق، وهو قول ابن القاسم في الكتاب؛ لأن ذلك عنده مما لا يقدر على دفعه.
والثاني: أن ذلك ليس جائحة؛ لأن السلطان يكف الجيش ويرده، والسارق يتحصن منه، وهو قول مطرف وابن الماجشون.
والثالث: التفصيل بين الجيش والسارق؛ فيكون الجيش جائحة،