للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السادسة في بيع المواشي العَادِيّة

اعلم أن الحيوانات تنقسم إلى مطبوع على العدوان محمول على الطغيان، وإلى ما هو محمود الأخلاق وقليل الانقلاب عند الإطلاق من القيد والوثاق.

فما كان منها مطبوعًا على الانفلات والشراد ضاربًا بالفساد: فأربابها مخيرون بين أن يحبسوها ويكفوا إذايتها عن العباد، وإلا بيعت عليهم وغربت في البلاد بحيث لا زرع ولا حصاد، ولا حائط ولا جدار بعد التبيان للمشتري عند البيع أنه يصول وصوره يطول على الفساد مجبول، والدليل الدال على العربية معقول ومنقول، فقاس العلماء على هذه المسألة رجلًا شريرًا إذا سكن بين القوم، وكان يؤذيهم في أموالهم وعيالهم إما بيده أو بإطلاق لسانه بالطعن في أعراضهم والسير في أشرافهم، أو كان رجلًا معيانًا وصافًا يؤذي الجيران في مواشيهم وسائر أموالهم، ولا تكاد عينه [تقع] (١) على شيء إلا أهلكته وأمرضته، فحكموا فيمن هذه سيرته وصفته أن تباع أرضه وداره، أو يكرى عليه ويغرب بين أظهر الجيران، أو ينفي عن محلتهم، فكان ذلك واجبًا على الإمام أن يدفع عنهم ضرره، ويكفيهم مؤنة أذيته.

فإن لم يكن هناك سلطان، فالجماعة العادلة تقوم مقامه.

وقد نص صاحب الشرع نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - على ما ظهرت منه الروائح الكريهة أنه لا يقرب المساجد لأجل إذاية المصلين برائحته، فحكم - صلى الله عليه وسلم -


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>