للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأقضية]

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١).

ففرض الله تبارك وتعالى على الحكام العدل في الحكم، وأن لا يتبعوا الهوى، ولا يشتروا بآياته ثمنًا قليلًا، وفرض لهم على الناس التسليم، وبذل السمع، والطاعة، والانقياد، فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٢)، وقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٣)، فقرن طاعته بطاعة رسوله وبطاعة أولي الأمر من عباده.

وقال عليه السلام: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني" (٤) ومن عصى إمامًا، أو قاضيًا، أو حاكمًا من الحكام في ما أمر به من الحق، أو حكم به من وجه العدل، فقد عصى الله ورسوله وتعدى حدوده.

وأما إن قضى بغير العدل، أو حكم بغير الحق فطاعته غير لازمة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" (٥) إلا أن يخشى أن تؤدي مخالفته إلى الهرج والمرج بالفساد، وسفك الدماء، وسبي الأموال، وهتك


(١) سورة ص الآية (٢٦).
(٢) سورة النساء الآية (٦٥).
(٣) سورة النساء الآية (٥٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٩٧)، ومسلم (١٨٣٥).
(٥) أخرجه أحمد (١٠٩٥) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>