[المسألة الثانية فيمن باع نصف سلعة على أن يبيعه النصف الباقي هل يجوز ذلك أم لا؟]
فقد اضطرب المذهب في ذلك اضطرابًا شديدًا، وتباينت فيه الآثار تباينًا بعيدًا، وجعلت ما فيها من الخلاف بحضرة ثمانية أقوال أكثرها قائمة من المدونة:
أحدها: أن ذلك لا يجوز جملة بلا تفصيل ضرب أجل أم لا، وهو قول بعض الرواة عن مالك في المدونة حيث قال: إذا باعه نصف ثوب على أن يبيعه النصف الآخر إنه لا خير فيه، قيل لمالك: فإن ضرب للبيع أجلًا؟ قال: فذلك أحرم له، ولم يفصل بين بيعه في البلد وغيره.
والثاني: الجواز جملة بلا تفصيل -ضرب أجلًا أم لا، باع في البلد أو في غير البلد- وهو تأويل ابن لبابة على قول مالك في الموطأ حيث قال: إذا باعه نصف ثوب على أن يبيعه النصف الآخر إن ذلك جائز، قال ابن لبابة: أحسبه يريد ضرب أجلًا في بلدة أو في غير بلدة، وله من الأجر إن لم يضرب أجلًا قدر ما يباع إليه.
والثالث: التفصيل بين البلد وغيره؛ فيجوز في البلد، ولا يجوز في غيره، وهو قول ابن القاسم في "المدونة".
والرابع: التفصيل بين أن يضرب أجلًا أم لا؛ فإن ضرب أجلًا جاز، وإن لم يضرب أجلًا فلا يجوز، وهو قوله في "الكتاب" أيضًا.
والخامس: على عكس الرابع أنه إن ضرب أجلًا، فذلك مكروه، وإن لم يضرب أجلًا فذلك جائز، وهو قوله في مختصر ما ليس